ما تَفْعَلُونَ) من خير وشر ، ولا يستركم منهم أي حاجب ، ومعنى كرام أنهم أقوياء أمناء ، وتقدم في الآية ٨٠ من الزخرف.
١٣ ـ (إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ) وكل من كان الخير منه مأمول والشر منه مأمون فهو من الأبرار والأخيار.
١٤ ـ ١٥ ـ (وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ) وكل من يخاف الناس من شره فهو فاجر غادر.
١٦ ـ (وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ) بل هم في شقاء قائم وعذاب دائم.
١٧ ـ (وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ) لا يفرج فيه عن كرب ، ولا يسمح عن ذنب إلا لمن تاب من ظلمه وأصلح.
١٨ ـ (ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ) والتكرار للتوكيد والتهويل.
١٩ ـ (يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً) لا أحد في ذاك اليوم يملك نفعا أو ضرا لنفسه أو لغيره (وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) وحده ، فلا وساطة ولا شفاعة بل لا مودة ورحمة إلا ما شاء ربك.
سورة المطفّفين
مكيّة وهي ست وثلاثون آية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
١ ـ ١٧ ـ (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ...) هدد سبحانه في هذه الآيات الذين ينهبون أقوات الناس بأساليب شيطانية ويعكرون صفو الحياة ويهدرون كرامة البشرية وحرمتها ، ونعتهم في الآية الأولى بالمطففين ـ أي الذين يبخسون الناس أشياءهم ـ وفي الآية السابعة بالفجار ، وفي الآية ٨٥ من هود : (وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) وبتقدم العلم تطورت أساليب الاستغلال ، وانقسم الفجار المستأثرون إلى فئتين في عهدنا الراهن تحتلان مركز الصدارة في شرق الأرض وغربها : الشيوعية تلغي وجود الفرد بدعوى الحرص على مصلحة الجماعة ، وتركز كل شيء في رجالها وأنصارها ، فتقبض على زمام السلطة والإنتاج الاقتصادي بالكامل ، وعلى التشريع والتنفيذ والقضاء ، ولا رأي وكلام إلا لها ومنها ، وما على الآخرين إلا السمع والطاعة. ـ الرأسمالية تعترف بوجود الفرد وحريته في التعبير عما يشاء وتفسح له مجال الاستفتاء ، ولكن هذا الاعتراف شكلي لا واقعي ، وهذه الحرية وهمية لا واقعية ، وذلك أن هذه الفئة تحدد وتخطط سلفا للمواطنين الآخرين ، الطريق الذي تريد هي أن يسلكوه ، ومرادها الذي ينبغي أن يؤيدوه ، وتدفعهم إليه بأحدث الوسائل العلمية التي تتلاعب بعقول الناس وميولهم كيف تشاء ، ومن هذه الوسائل الصحف والإذاعات والدعايات والخطابات الجذابة الخلابة ، والدراسات النفسية التي يقوم بها أخصائيون بارعون في استهواء النفوس وتوجيهها حيث يشاءون إلى غير ذلك من المؤثرات والانفعالات ، ومعنى هذا أن الفئتين تلتقيان في النتيجة على صعيد اللاحرية واللاديمقراطية بل واللاإنسانية. وتقدمت الآيات ال ١٧ أكثر من مرة إضافة إلى وضوحها مع ضيق المقام. وللضرورة أحكام.