سورة البلد مكيّة وهي عشرون آية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
١ ـ (لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ) مكة المكرمة ، وأقسم سبحانه بها لشأنها وحرمتها.
٢ ـ (وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ) هذه جملة معترضة بين المعطوف والمعطوف عليه ، والخطاب لمحمد (ص) وحلّ من الحلول بمعنى النزول لا من الحلال كما قيل لأن المعنى الأول هو الأظهر المتبادر ، والواو للحال ، وعليه يكون القسم بمكة مقيّدا بوجود محمد (ص) فيها إشعارا بأن مكة زادت به شأنا ورفعة.
٣ ـ (وَوالِدٍ وَما وَلَدَ) قال الشيخ محمد عبده : «المراد كل والد ومولود من الإنسان والحيوان والنبات كما يرشد إليه التنكير ، وهو مختار ابن جرير وجمع من المحققين والغرض من القسم بذلك التنبيه إلى إنشاء الكائنات الحية وتطورها من حال إلى حال.
٤ ـ (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ) بفتح الكاف.
والباء ، من المكابدة ، والمعنى أن الله سبحانه خلق الإنسان ليكابد الشدائد من أجل حياة أفضل عند الله والناس ، قال عزّ من قائل : (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) ـ ٢ الملك ... (وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) ١٢٩ الأعراف معنى هذا أن من يأكل ولا يعمل موته خير من حياته ، وعدمه خير من وجوده.
٥ ـ (أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ) أيظن المترف الطاغية أنه في حصن حصين من الضربات والنكبات.
٦ ـ (يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً) أي أنفقت مالا كثيرا ملبدا ومكدسا بعضه فوق بعض ، وهكذا يفتخر الغني الشقي متعاليا بما أسرف وبذر على شهواته وملذاته.
٧ ـ (أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ) أيظن هذا المفتون بماله أن الله غافل عن أعماله؟ كلا ، سيسأل عن كل درهم مم اكتسبه وفيم أنفقه؟ ويعامل بما استحق.
٨ ـ (أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ) يبصر بهما.
٩ ـ (وَلِساناً) ينطق به (وَشَفَتَيْنِ) يستعين بهما على الكلام وأكل الطعام.
١٠ ـ (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) المراد بالهدى هنا العقل الذي يكون الإنسان به شيئا مذكورا ، وإليه ينتهي العلم بكل سر وحقيقة سواء أكانت طبيعية أم دينية أم اجتماعية حيث لا علم بلا عقل ، وكل ما يرفضه العقل فهو وهم وخرافة ، وبهذا يتضح أن المراد بالنجدين : الحق والباطل ، الأول يرتضيه العقل أو لا يعارضه ـ على الأقل ـ والثاني ينكره العقل ويأباه.
١٦ ـ ١٧ ـ (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِيناً