ذا مَتْرَبَةٍ ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ) اقتحام العقبة : الكفاح لعمل أفضل ، وفك الرقبة : تحرير الإنسان من العبودية والهوان ، والمسغبة : المجاعة ، والمقربة : القرابة بالنسب أو بالإنسانية ، والمتربة : الفقر الشديد ، والتواصي بالصبر والمرحمة : التعاون على تحقيق العدالة الاجتماعية ، بعد ان بيّن سبحانه في الآية ٤ أنه خلق الإنسان ليكابد ويجاهد ، حدد في هذه الآيات السبع نوع هذه المكابدة بالعمل لتحرير الضعيف من الضعف والعبودية ، وتأمين العمل لكل من يقدر عليه ، ولقمة العيش لمن يعجز عن السعي والتعاون على ترابط المجتمع وتماسكه وقدرته على البقاء ومواجهة الخطوب والأحداث.
١٨ ـ (أُولئِكَ أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) أولئك إشارة إلى الذين تعاونوا على تحقيق العدالة الاجتماعية والعمل لحياة أفضل ، وأصحاب الميمنة في اصطلاح القرآن هم السعداء الذين لهم قدم صدق عند ربهم.
١٩ ـ (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ) الذين غضب الله عليهم ، وأعد لهم نارا موقدة وعليهم موصدة مطبقة مغلقة.
سورة الشّمس
مكيّة وهي خمس عشرة آية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
١ ـ (وَالشَّمْسِ وَضُحاها) أقسم سبحانه في هذه السورة ببعض مخلوقاته العظيمة في منافعها وآثارها ، وضحى ٢ ـ (وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها) جاء بعد غياب الشمس ، وذلك في الليالي البيض ١٣ و ١٤ و ١٥ حيث يضيء الليل بالكامل من غروب الشمس إلى الفجر.
٣ ـ (وَالنَّهارِ إِذا جَلَّاها) النهار يبرز الشمس للعيان واضحة جلية ، وإن قال قائل : النهار عبارة عن ضوء الشمس وإذن هي أوجدت النهار وأظهرته للعيان مع أن الآية تقول : هو الذي أظهر الشمس وأبرزها ـ قلنا في جوابه : الشمس توجد النهار إيجاد المؤثر لأثره ، والنهار يدل على الشمس دلالة الأثر على المؤثر ، وعليه يكون المراد بالجلاء المعنى الحقيقي وهو الدليل على وجود الشمس لا على إيجادها ٤ ـ (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها) يغطي الليل ضوء الشمس ولا يبقي لها من أثر في الليلة الأولى والأخيرة من الشهر القمري ٥ ـ (وَالسَّماءِ وَما بَناها) أي وبنائها لأن «ما» مصدرية ، والمراد أن الله خلق ما في الفضاء من الكواكب ، وتقدم في الآية ٤٧ من الذاريات وغيرها ٦ ـ (وَالْأَرْضِ وَما طَحاها) أي وطحوها وهو البسط والتمهيد ، وتقدم مرات ، منها في الآية ٢٢ من البقرة ٧ ـ (وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها) النفس شيء يكون به الإنسان إنسانا والحيوان حيوانا ، وهي لا ترى ولا تلمس بحال ، وإنما نعرفها بالآثار كالجاذبية. ومن آثارها النمو والحركة والشعور بالألم واللذة والإدراك الذي أشار إليه سبحانه بقوله : ٨ ـ (فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها) الفجور والتقوى من صفات الإنسان دون الحيوان ، والله سبحانه وهب الإنسان القدرة والعقل والإرادة ، وبيّن له الخير وأمره به ، والشر ونهاه عنه ، فمن أطاع أصاب سبيل السلامة ، ومن عصى فعليه عاقبة معصيته ، وتقدم في الآية ٣ من الإنسان وغيرها.
٩ ـ (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها) هذا جواب القسم والمعنى قد ربح وفاز من كفّ أذاه عن الناس ، وعف عن أكل الحرام ،