برسالة محمد فهو بحكم من جحد بالله.
٥ ـ ٦ ـ (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً. إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) وللمفسرين كلام طويل وعريض حول هذا التكرار والفرق بين العسر الأول والثاني واليسر الثاني والأول ، وتأملنا فيما قالوا مليا ، فوجدناه تكثير ألفاظ وكفى ، ومعنى الآية واضح ، وهو أن الشدة يعقبها الفرج عاجلا أو آجلا ، ولا هدف من التكرار إلا توطيد الرجاء والثقة بالله وإلا ألى الأمل يسوق إلى السعي والعمل ، أما اليأس فهو بالانتحار أشبه ، قال سبحانه : (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) ـ ٢٩ الرّحمن» وضمير هو لليوم وقال العلم الحديث : «كل شيء يتغير إلا مبدأ التغير والتطور».
٧ ـ (فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ) النصب : التعب ، والمعنى إذا فرغت يا محمد من التبليغ فخذ في عمل آخر ، واتعب في إتقانه لكي تنتفع به أنت وغيرك.
٨ ـ (وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ) لا تتجه بقلبك لغير الله ، ولا تستعن بأحد سواه. وكان الرسول الأعظم (ص) يكرر هذا الدعاء : أللهم أعوذ بك من الفقر إلا إليك ، ومن الذل إلا لك ، ومن الخوف إلا منك.
سورة التّين
مكيّة وهي ثماني آيات
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
١ ـ (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ) اختلف المفسرون فيما أراد الله بهاتين الكلمتين ، على أقوال ، أبعدها عن ظاهر اللفظ قول الشيخ محمد عبده : «التين إشارة إلى عهد الإنسان الأول ـ يريد آدم ـ ... والزيتون إشارة إلى عهد نوح وذريته» وهذا التفسير بعيد عن أصول اللغة وقواعدها حيث لا دليل على هذا التأويل ، وظاهر القول أن المراد هذا التين الذي يؤكل وهذا الزيتون الذي يعصر ، وأقسم سبحانه بهما للتنبيه إلى فوائدهما أو إلى أرضهما القريبة من طور سيناء أو غير ذلك ، وما أكثر ما نجهل ٢ ـ (وَطُورِ سِينِينَ) الجبل الذي كلم الله عليه موسى وتقدم في الآية ١٢ طه و ٢٠ المؤمنون ٣ ـ (وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ) مكة المكرمة ، ومثله تماما (لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ) ـ ١ البلد» ٤ ـ (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) هذا جواب القسم وهو المقصود من هذه السورة ، والمعنى خلق سبحانه الإنسان في أجمل شكل ، وأشرف عقل ، وأحسن قوام ، وأحكم نظام ، فالأليق به أن يعمل ما ينسجم مع عقله وشكله ، وفي نهج البلاغة ؛ «وآخر قد تسمى عالما وليس به ... فالصورة صورة إنسان والقلب قلب حيوان» وتقدم في الآية ٦٤ من غافر.
٥ ـ (ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ) خلق سبحانه الإنسان في أحسن تقويم ، وكرمه وفضّله على كثير ممن خلق كما. في الآية ٧٠ من الإسراء ، فكان عاقبة أمره عذاب الحريق بسوء فعله ، ومعنى هذا أن الإنسان الضال المنحرف أسوأ حالا وعاقبة من الحيوان ، لأن الحيوان غير محاسب ولا معاقب حتى ولو قتل وافترس لأنه لا يصدر عن حقد وتجاوز الحد كالإنسان ، بل عن طبعه وفطرته التي فطره الله عليها ، وهذا هو المراد برد الإنسان الفاسد المعاند إلى أسفل سافلين أي إلى نار الجحيم ـ (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) لكن الإنسان الطيب الذي احتفظ بإنسانيته ، وشكر نعمة الله عليه ، وقدر الكرامة التي خصّه بها حق قدرها ، ونزهها عما يشين ـ فهو عند الله في أعلى عليين ، وتقدم في الآية ٨ من فصلت وغيرها.
٧ ـ (فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ) ما الذي حملك أيها الكنود العنود على الكفر بدين الله وحسابه وجزائه وقد