سورة النّساء
مدنيّة وهي مائة وستّ وسبعون آية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
١ ـ (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ) الخطاب للجميع كما هو المفهوم من كلمة الناس ، وأيضا الأمر بالتقوى لا يختص بفئة دون فئة (الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) أي لا أحد منكم أيها الناس ابن السماء والإله والآخر ابن الأرض والإنسان ، بل كلكم من آدم وآدم من تراب (وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها) حواء أي من جنسها هو إنسان وهي أيضا إنسان لا حيوان تماما كما في الآية ٢٠ من الروم : (أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً) وعليه فقصة خلق حواء من ضلع آدم خرافة (وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً) كثيرا حذف الوصف من الثاني لدلالة الأول عليه ، ويقال : أن سكان الأرض يبلغون أربعة آلاف مليون نحن في سنة ١٩٧٨ م (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ) إشارة إلى ما يقوله بعضنا لبعض : سألتك بالله أن تفعل ... أو تترك ... (وَالْأَرْحامَ) عطف على كلمة الجلالة ، وأيضا نقول : سألتك بالرحم والقرابة.
٢ ـ (وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ) الخطاب للقائمين على رعاية الأيتام ، والمعنى أنفقوا عليهم من أموالهم حال الصغر ، وسلموهم إياها عند البلوغ والرشد (وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ) أي لا تستبدلوا الخبيث من أموالكم بالطيب من أموال اليتامى ، قيل : كان بعض الأوصياء يبدل شاته الهزيلة بشاة اليتيم السمينة (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ) في كتاب المغني أن «إلى» تأتي بمعنى مع ، وعليه يكون المعنى لا تأكلوا أموال اليتامى كما تأكلون أموالكم ، كيف؟ وهذه حلال وتلك حرام (إِنَّهُ كانَ حُوباً) ذنبا (كَبِيراً) جناية لا جنحة.
٣ ـ (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى) أي في نكاح اليتيمات ، فحذف لفظ نكاح هنا لدلالة (فَانْكِحُوا) عليه ، وخلاصة المعنى أنه تعالى في الآية السابقة خاطب الأوصياء بشأن أموال اليتامى ، أما في هذه الآية فقد خاطبهم بشأن الزواج من اليتيمات حيث كان الأوصياء وغيرهم يتقون الزواج منهن خوفا من التقصير بحقوقهن ، فقال سبحانه لهم : إن خفتم عدم العدل لو تزوجتم بهن فاتركوهن وشأنهن ، وتزوجوا من غيرهن أربعا إن شئتم ، وأيضا على أساس العدل ، وإلى هذا أشار سبحانه بقوله : (فَانْكِحُوا) أي دعوا اليتيمات يخترن الأزواج لأنفسهن بعد البلوغ والرشد ، وتزوجوا أنتم من غيرهن (ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ) دون اليتيمات (مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) وهذه الكلمات حال من (ما طابَ) أو من النساء ، ويجوز على بدل البعض من النساء ، وهي غير منصرفة للوصف والعدل من ثنتين ثنتين ، وثلاث ثلاث ، ، وأربع أربع.