ويقرآن بالنصب على أنه جواب التمني ؛ فلا يكون داخلا في التمني ، والواو في هذا كالفاء.
ومن القرّاء من رفع الأوّل ونصب الثاني ، ومنهم من عكس ؛ ووجه كلّ واحدة منهما على ما تقدّم.
٢٩ ـ (إِنْ هِيَ إِلَّا) : هي : كناية عن الحياة ؛ ويجوز أن يكون ضمير القصة.
٣٠ ـ (وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ) : أي على سؤال ربهم ، أو على ملك ربّهم.
٣١ ـ (بَغْتَةً) : مصدر في موضع الحال ؛ أي باغتة.
وقيل : هو مصدر لفعل محذوف ؛ اي تبغتهم بغتة.
وقيل : هو مصدر لجاءتهم من غير لفظه.
(يا حَسْرَتَنا) : نداء الحسرة والويل على المجاز ، والتقدير : يا حسرة احضري ؛ فهذا أوانك.
والمعنى تنبيه أنفسهم لتذكر أسباب الحسرة.
و (عَلى) : متعلقة بالحسرة ، والضمير في (فِيها) يعود على الساعة ؛ والتقدير : في عمل الساعة.
وقيل : يعود على الأعمال ، ولم يجر لها صريح ذكر ، ولكن في الكلام دليل عليها. (أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ) : ساء بمعنى بئس ، وقد تقدّم إعرابه في مواضع.
ويجوز أن تكون ساء على بابها ، ويكون المفعول محذوفا ، و «ما» مصدرية ، أو بمعنى الذي ، أو نكرة موصوفة ؛ وهي في كل ذلك فاعل ساء ، والتقدير : ألا ساءهم وزرهم.
٣٢ ـ (وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ) : يقرأ بالألف واللام ، ورفع «الآخرة» على الصفة ؛ والخبر (خَيْرٌ).
ويقرأ «ولدار الآخرة» على الإضافة ؛ أي دار الساعة الآخرة ؛ وليست الدار مضافة إلى صفتها ؛ لأنّ الصفة هي الموصوف في المعنى ، والشيء لا يضاف إلى نفسه ، وقد أجازه الكوفيون.
٣٣ ـ (قَدْ نَعْلَمُ) ؛ أي قد علمنا ، فالمستقبل بمعنى الماضي.
(لا يُكَذِّبُونَكَ) : يقرأ بالتشديد على معنى لا ينسبونك إلى الكذب ؛ أي قبل دعواك النبوة ؛ بل كانوا يعرفونه بالأمانة والصدق.
ويقرأ بالتخفيف ؛ وفيه وجهان :
أحدهما ـ هو في معنى المشدّد ؛ يقال : أكذبته وكذّبته ؛ إذا نسبته إلى الكذب.
والثاني ـ لا يجدونك كذّابا ، يقال : أكذبته ؛ إذا أصبته كذلك ، كقولك : أحمدته ؛ إذا أصبته محمودا.
(بِآياتِ اللهِ) : الباء تتعلق ب (يَجْحَدُونَ).
وقيل تتعلّق بالظالمين ؛ كقوله تعالى : (وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِها).
٣٤ ـ (مِنْ قَبْلِكَ) : لا يجوز أن يكون صفة لرسل ، لأنّه زمان ؛ والجثّة لا توصف بالزمان ، وإنّما هي متعلقة بكذّبت.
(وَأُوذُوا) : يجوز أن يكون معطوفا على كذّبوا ؛ فتكون «حتى» متعلّقة بصبروا.
ويجوز أن يكون الوقف تمّ على كذبوا ، ثم استأنف فقال : وأوذوا ، فتتعلّق حتى به. والأوّل أقوى.
(وَلَقَدْ جاءَكَ) : فاعل جاءك مضمر فيه.
قيل : المضمر المجيء. وقيل : المضمر النبأ ، ودلّ عليه ذكر الرسل ؛ لأنّ من ضرورة الرسول الرسالة وهي نبأ ، وعلى كلا الوجهين يكون (مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ) حالا من ضمير الفاعل ، والتقدير : من جنس نبأ المرسلين.
وأجاز الأخفش أن تكون من زائدة ، والفاعل نبأ المرسلين. وسيبويه لا يجيز زيادتها في الواجب ، ولا يجوز عند الجميع أن تكون «من» صفة لمحذوف ؛ لأنّ الفاعل لا يحذف ، وحرف الجر إذا لم يكن زائدا لم يصحّ أن يكون فاعلا ؛ لأنّ حرف الجر يعدّي ، وكل فعل يعمل في الفاعل بغير معدّ.
و (نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ) : بمعنى إنبائهم ، ويدل على ذلك قوله تعالى : (نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ).
٣٥ ـ (وَإِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ) : جواب «إن» هذه (فَإِنِ اسْتَطَعْتَ) ؛ فالشرط الثاني جواب الأول ، وجواب الشّرط الثاني محذوف ، تقديره : فافعل ، وحذف لظهور معناه وطول الكلام.
(فِي الْأَرْضِ) : صفة لنفق.
ويجوز أن يتعلق بتبتغي.
ويجوز أن يكون حالا من ضمير الفاعل ؛ أي وأنت في الأرض ؛ ومثله : (فِي السَّماءِ).
٣٦ ـ (وَالْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللهُ) : في الموتى وجهان :
أحدهما ـ هو في موضع نصب بفعل محذوف ؛ أي ويبعث الله الموتى ؛ وهذا أقوى ؛ لأنّه اسم قد عطف على اسم عمل فيه الفعل.
والثاني ـ أن يكون مبتدأ ، وما بعده الخبر.
و (يَسْتَجِيبُ) : بمعنى يجيب.
٣٧ ـ (مِنْ رَبِّهِ) : يجوز أن يكون صفة لآية ؛ وأن يتعلّق بنزّل.
٣٨ ـ (فِي الْأَرْضِ) : يجوز أن يكون في موضع جرّ صفة لدابة ، وفي موضع رفع صفة لها أيضا على الموضع ؛ لأنّ من زائدة.
(وَلا طائِرٍ) : معطوف على لفظ دابة.
وقرئ بالرفع على الموضع.
(بِجَناحَيْهِ) : يجوز أن تتعلّق الباء بيطير ، وأن تكون حالا ؛ وهو توكيد ، وفيه رفع مجاز ؛ لأنّ غير الطائر قد يقال فيه : طار ، إذا أسرع.
(مِنْ شَيْءٍ) : «من» زائدة ، و «شيء» هنا واقع موقع المصدر ؛ أي تفريطا ؛ وعلى هذا التأويل لا يبقى في الآية حجة لمن ظنّ أن الكتاب يحتوي على ذكر كلّ شيء صريحا : ونظير ذلك : (لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً) ؛ أي ضررا ، وقد ذكرنا له نظائر.