فعلى هذا يجوز أن يكون المفعول الثاني في ظلمات ، فلا يتعلق الجارّ بمحذوف ، ويكون (لا يُبْصِرُونَ) حالا.
ويجوز أن يكون لا يبصرون هو المفعول الثاني ، وفي ظلمات ظرف يتعلق بتركهم أو ب «يبصرون».
ويجوز أن يكون حالا من الضمير في يبصرون ، أو من المفعول الأول.
١٨ ـ (صُمٌّ بُكْمٌ) : الجمهور على الرفع ، على أنه خبر ابتداء محذوف ؛ أي هم صمّ.
وقرئ شاذّا بالنصب على الحال من الضمير في يبصرون.
قوله تعالى : (فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ) : جملة مستأنفة ؛ وقيل : موضعها حال ؛ وهو خطأ ؛ لأنّ ما بعد الفاء لا يكون حالا ؛ لأنّ الفاء ترتّب ، والأحوال لا ترتيب فيها.
و «يرجعون» فعل لازم ؛ أي لا ينتهون عن باطلهم ، أو لا يرجعون إلى الحق.
وقيل : هو متعدّ ومفعوله محذوف ، تقديره : فهم لا يردّون جوابا ، مثل قوله : (إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ).
١٩ ـ (أَوْ كَصَيِّبٍ) : في «أو» أربعة أوجه :
أحدها ـ أنها للشك ، وهو راجع إلى الناظر في حال المنافقين ؛ فلا يدري أيشبههم بالمستوقد ، أو بأصحاب الصيّب ؛ كقوله : (إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) ؛ أي يشك الرائي لهم في مقدار عددهم.
والثاني ـ أنها للتخيير ؛ أي شبّهوهم بأيّ القبيلتين شئتم.
والثالث ـ أنها للإباحة.
والرابع ـ أنها للإبهام ؛ أي بعض الناس يشبههم بالمستوقد ، وبعضهم بأصحاب الصيّب. ومثله قوله تعالى : (كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى) ؛ أي قالت اليهود : كونوا هودا ، وقالت النصارى : كونوا نصارى.
ولا يجوز عند أكثر البصريين أن تحمل «أو» على الواو ، ولا على «بل» ما وجد في ذلك مندوحة.
والكاف في موضع رفع عطفا على الكاف في قوله : (كَمَثَلِ الَّذِي).
ويجوز أن يكون خبر ابتداء محذوف ، تقديره : أو مثلهم كمثل صيّب.
وفي الكلام حذف تقديره : أو كأصحاب صيّب ، وإلى هذا المحذوف يرجع الضمير من قوله : يجعلون.
والمعنى على ذلك ؛ لأنّ تشبيه المنافقين بقوم أصابهم مطر فيه ظلمة ورعد وبرق لا بنفس المطر.
وأصل صيّب : صيوب على فيعل ؛ فأبدلت الواو ياء وأدغمت الأولى فيها ، ومثله : ميّت وهيّن. وقال الكوفيون : أصله صويب على فعيل ؛ وهو خطأ ؛ لأنه لو كان كذلك لصحّت الواو كما صحّت في طويل وعويل.
(مِنَ السَّماءِ) : في موضع نصب. و «من» متعلقة بصيّب ؛ لأن التقدير : كمطر صيّب من السماء ، وهذا الوصف يعمل عمل الفعل. ومن لابتداء الغاية.
ويجوز أن يكون في موضع جر على الصفة لصيّب ؛ فيتعلق من بمحذوف ؛ أي كصيّب كائن من السماء.
والهمزة في السماء بدل من واو قلبت همزة لوقوعها طرفا بعد ألف زائدة ، ونظائره تقاس عليه.
(فِيهِ ظُلُماتٌ) : الهاء تعود على صيّب ، وظلمات رفع بالجار والمجرور ؛ لأنه قد قوي بكونه صفة لصيّب.
ويجوز أن يكون ظلمات مبتدأ ، وفيه خبر مقدم ، وفيه على هذا ضمير ، والجملة في موضع جر صفة لصيّب.
والجمهور على ضمّ اللام ، وقد قرئ بإسكانها تخفيفا ، وفيه لغة أخرى بفتح اللام.
والرعد : مصدر رعد يرعد ، والبرق : مصدر أيضا ؛ وهما على ذلك موحّدتان هنا ؛ ويجوز أن يكون الرعد والبرق بمعنى الراعد والبارق ، كقولهم : رجل عدل وصوم.
(يَجْعَلُونَ) : يجوز أن يكون في موضع جر صفة لأصحاب صيّب ، وأن يكون مستأنفا.
وقيل : يجوز أن يكون حالا من الهاء في فيه ، والراجع على الهاء محذوف ، تقديره : من صواعقه ؛ وهو بعيد ؛ لأن حذف الراجع على ذى الحال كحذفها من خبر المبتدأ ، وسيبويه يعدّه من الشذوذ.
(مِنَ الصَّواعِقِ) : أي من صوت الصواعق.
(حَذَرَ الْمَوْتِ) : مفعول له. وقيل مصدر ؛ أي يحذرون حذرا مثل حذر الموت. والمصدر هنا مضاف إلى المفعول به.
(مُحِيطٌ) : أصله محوط ؛ لأنه من حاط يحوط ، فنقلت كسرة الواو إلى الحاء فانقلبت ياء. ٢٠ ـ (يَكادُ) : فعل يدن على مقاربة وقوع الفعل بعدها ؛ ولذلك لم تدخل عليه أن ؛ لأنّ أن تخلّص الفعل للاستقبال. وعينها واو ، والأصل : يكود ، مثل خاف يخاف ، وقد سمع فيه ، كدت ـ بضم الكاف ؛ وإذا دخل عليها حرف نفي دل على أن الفعل الذي بعدها وقع ، وإذا لم يكن حرف نفي لم يكن الفعل بعدها واقعا ، ولكنه قارب الوقوع.
وموضع (يَخْطَفُ) نصب ، لأنه خبر كاد.
والمعنى : قارب البرق خطف الأبصار.
والجمهور على فتح الياء والطاء وسكون الخاء ، وماضيه خطف ، كقوله تعالى : (إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ).
وفيه قراءات شاذة :
إحداها ـ كسر الطاء على أن ماضيه خطف بفتح الطاء.
والثانية ـ بفتح الياء والخاء والطاء وتشديد الطاء ، والأصل : يختطف ، فأبدل من التاء طاء ، وحركت بحركة التاء.
والثالثة ـ كذلك ، إلا أنها بكسر الطاء على ما يستحقّه في الأصل.
والرابعة ـ كذلك ، إلا أنها بكسر الخاء أيضا على الإتباع.
والخامسة ـ بكسر الياء أيضا اتباعا أيضا.