والسادسة ـ بفتح الياء وسكون الخاء وتشديد الطاء ، وهو ضعيف لما فيه من الجمع بين الساكنين.
(كُلَّما) : هي هنا ظرف ، وكذلك كلّ موضع كان لها جواب.
و «ما» مصدرية ؛ والزمان محذوف ؛ أي كل وقت إضاءة.
وقيل «ما» هنا نكرة موصوفة ، ومعناها الوقت ، والعائد محذوف ؛ أي كل وقت أضاء لهم فيه. والعامل في كلّ جوابها.
و (فِيهِ) ؛ أي في ضوئه. والمعنى بضوئه.
ويجوز أن يكون ظرفا على أصلها. والمعنى : إنهم يحيط بهم الضوء.
(شاءَ) : ألفها منقلبة عن ياء ؛ لقولهم في مصدره : شئت شيئا ؛ وقالوا : شيّأته ؛ أي حملته على أن يشاء.
(لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ) : أي أعدم المعنى الذي يسمعون به.
و (عَلى كُلِ) متعلق ب (قَدِيرٌ) في موضع نصب.
٢١ ـ (يا أَيُّهَا النَّاسُ) : أي : اسم مبهم لوقوعه على كل شيء أتي به في النداء توصّلا إلى نداء ما فيه الألف واللام ؛ إذ كانت «يا» لا تباشر الألف واللام ؛ وبنيت لأنها اسم مفرد مقصود.
وها مقحمة للتنبيه ؛ لأن الأصل أن تباشر «يا» الناس ، فلما حيل بينهما بأي عوض من ذلك «ها».
والناس : وصف لأي لا بدّ منه ؛ لأنه المنادى في المعنى ، ومن هاهنا رفع ؛ ورفعه على أن يجعل بدلا من ضمة البناء.
وأجاز المازني نصبه كما يجيز : يا زيد الظريف ؛ وهو ضعيف لما قدمنا من لزوم ذكره ، والصفة لا يلزم ذكرها.
(مِنْ قَبْلِكُمْ) : من هنا لابتداء الغاية في الزمان. والتقدير : والذي خلقهم من قبل خلقكم ؛ فحذف الخلق ، وأقام الضمير مقامه.
(لَعَلَّكُمْ) : متعلق في المعنى باعبدوا ؛ أي اعبدوه ليصحّ منكم رجاء التقوى ؛ والأصل توتقيون ، فأبدل من الواو تاء ، وأدغمت في التاء الأخرى ، وسكنت الياء ثم حذفت ، وقد تقدمت نظائره ، فوزنه الآن تفتعون.
٢٢ ـ (الَّذِي جَعَلَ) : هو في موضع نصب بتتقون ، أو بدل من ربّكم ، أو صفة مكررة ، أو بإضمار أعنى.
ويجوز أن يكون في موضع رفع على إضمار هو الذي.
وجعل هنا متعدّ إلى مفعول واحد ، وهو الأرض.
وفراشا حال ، ومثله : (وَالسَّماءَ بِناءً).
ويجوز أن يكون جعل بمعنى صيّر ، فيتعدى إلى مفعولين ؛ وهما الأرض. وفراشا. ومثله : والسماء بناها. و (لَكُمُ) متعلق بجعل ؛ أي لأجلكم.
(مِنَ السَّماءِ) : متعلق بأنزل ، وهي لابتداء غاية المكان.
ويجوز أن يكون حالا. والتقدير : ماء كائنا من السماء ؛ فلما قدّم الجارّ صار حالا وتعلّق بمحذوف.
والأصل في ماء موه ؛ لقولهم : ماهت الركيّة تموه ، وفي الجمع أمواه ، فلما تحركت الواو وانفتح ما قبلها قلبت ألفا ، ثم أبدلوا من الهاء همزة ، وليس بقياس.
(مِنَ الثَّمَراتِ) : متعلق بأخرج ، فيكون «من» لابتداء الغاية.
ويجوز أن يكون في موضع الحال ، تقديره : رزقا كائنا من الثمرات.
و (لَكُمُ) : أي من أجلكم. والرّزق هنا بمعنى المرزوق ، وليس بمصدر.
(فَلا تَجْعَلُوا) : أي لا تصيّروا ، أو لا تسمّوا ، فيكون متعديّا إلى مفعولين. والأنداد : جمع ندّ ونديد.
(وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) : مبتدأ وخبر في موضع الحال.
ومفعول تعلمون محذوف ؛ أي تعلمون بطلان ذلك.
والاسم من أنتم «أن» ، والتاء للخطاب ، والميم للجمع ، وهما حرفا معنى.
٢٣ ـ (وَإِنْ كُنْتُمْ) : جواب الشرط (فَأْتُوا بِسُورَةٍ). و (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) شرط أيضا جوابه محذوف أغنى عنه جواب الشرط الأول ؛ أي إن كنتم صادقين فافعلوا ذلك.
ولا تدخل إن الشرطية على فعل ماض في المعنى ، إلا على كان لكثرة استعمالها ، وأنها لا تدل على حدث.
(مِمَّا نَزَّلْنا) : في موضع جر صفة لريب ؛ أي ريب كائن مما نزلنا.
والعائد على «ما» محذوف ؛ أي نزلناه ، و «ما» بمعنى الذي ، أو نكرة موصوفة.
ويجوز أن يتعلق «من» بريب ؛ أي إن ارتبتم من أجل ما نزّلنا.
(فَأْتُوا) : أصله : ائتيوا ، وماضيه أتى ، ففاء الكلمة همزة ؛ فإذا أمرت زدت عليها همزة الوصل مكسورة ، فاجتمعت همزتان والثانية ساكنة ، فأبدلت الثانية ياء لئلا يجمع بين همزتين ، وكانت الياء الأولى للكسرة قبلها ، فإذا اتصل بها شيء حذفت همزة الوصل استغناء عنها ثم همزة الياء ؛ لأنك أعدتها إلى أصلها لزوال الموجب لقلبها.
ويجوز قلب هذه الهمزة ألفا إذا انفتح ما قبلها مثل هذه الآية ؛ وياء إذا انكسر ما قبلها ؛ كقوله : «الذي إيتمن» ، فتصيرها ياء في اللفظ ؛ وواوا إذا انضمّ ما قبلها كقوله : (يا صالِحُ ائْتِنا). ومنهم من يقول : ذن لي.
(مِنْ مِثْلِهِ) : الهاء تعود على النبي صلىاللهعليهوسلم ؛ فيكون من للابتداء ؛ ويجوز أن تعود على القرآن ، فتكون من زائدة ، ويجوز أن تعود على الأنداد بلفظ المفرد ، كقوله تعالى : (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ).
(وَادْعُوا) : لام الكلمة محذوف ؛ لأنه حذف في الواحد دليلا على السكون الذي هو جزم في المعرب ، وهذه الواو ضمير الجماعة.
(مِنْ دُونِ اللهِ) : في موضع الحال من الشهداء ، والعامل فيه محذوف ، تقديره شهداءكم منفردين عن الله ، أو عن أنصار الله.
٢٤ ـ (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا) : الجزم بلم لا بإن ؛ لأن «لم» عامل شديد الاتصال بمعموله ، ولم يقع إلا مع الفعل المستقبل في اللفظ ، وإن قد دخلت على الماضي في اللفظ ، وقد وليها الاسم ، كقوله تعالى : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ).
(وَقُودُهَا النَّاسُ) : الجمهور على فتح الواو وهو الحطب ، وقرئ بالضم ، وهو لغة في الحطب ؛ والجيّد أن يكون مصدرا بمعنى التوقد ، ويكون في الكلام حذف مضاف تقديره : توقّدها احتراق الناس ، أو تلهّب الناس ، أو ذو وقودها الناس.
(أُعِدَّتْ) : جملة في موضع الحال من النار ؛ والعامل فيها فاتّقوا.
ولا يجوز أن يكون حالا من الضمير في وقودها لثلاثة أشياء :
أحدها ـ أنّها مضاف إليها.
والثاني ـ أنّ الحطب لا يعمل في الحال.
والثالث ـ أنك تفصل بين المصدر أو ما عمل عمله ، وبين ما يعمل فيه بالخبر ، وهو النّاس.
٢٥ ـ (أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ) : فتحت أنّ هاهنا ؛ لأن التقدير بأنّ لهم ، وموضع أنّ وما عملت فيه نصب ببشّر ؛ لأن حرف الجر إذا حذف وصل الفعل بنفسه. هذا مذهب سيبويه.
وأجاز الخليل أن يكون في موضع جرّ بالباء المحذوفة ؛ لأنه موضع تزاد فيه ؛ فكأنها ملفوظ بها ؛ ولا يجوز ذلك مع غير أن ، ولو قلت بشره بأنه مخلّد في الجنة جاز حذف الباء لطول الكلام ، ولو قلت بشره الخلود لم يجز ؛ وهذا أصل يتكرر في القرآن كثيرا ، فتأمله واطلبه هاهنا.
(تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) : الجملة في موضع نصب صفة للجنّات ، والأنهار مرفوعة بتجري ؛ لا بالابتداء ، ومن تحتها الخبر ، ولا بتحتها ؛ لأنّ تجري لا ضمير فيه ؛ إذ كانت الجنات لا تجري ، وإنما تجري أنهارها.
والتقدير : من تحت شجرها ، لا من تحت أرضها ، فحذف المضاف.