يستعمل إلا مضافا ؛ لأن الإضافة تبين من المعظّم ، فإذا أفرد عن الإضافة كان اسما علما للتسبيح لا ينصرف للتعريف ، والألف والنون في آخره مثل عثمان ، وقد جاء في الشعر منوّنا على نحو تنوين العلم إذا نكّر ، وما يضاف إليه مفعول به ؛ لأنه المسبّح.
ويجوز أن يكون فاعلا ؛ لأن المعنى تنزهت. وانتصابه على المصدر بفعل محذوف تقديره : سبحت الله تسبيحا.
(إِلَّا ما عَلَّمْتَنا) : ما مصدرية ؛ أي إلّا علما علمتناه ، وموضعه رفع على البدل من موضع (لا عِلْمَ) ، كقولك : لا إله إلا الله.
ويجوز أن تكون «ما» بمعنى الذي ، ويكون «علم» بمعنى معلوم ؛ أي لا معلوم لنا إلا الذي علمتناه.
ولا يجوز أن تكون «ما» في موضع نصب بالعلم ، لأنّ اسم «لا» إذا عمل فيما بعده لا يبنى.
(إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ) : أنت مبتدأ ، والعليم خبره ، والجملة خبر إنّ.
ويجوز أن يكون أنت توكيدا للمنصوب ، ووقع بلفظ المرفوع ، لأنه هو الكاف في المعنى ؛ ولا يقع هاهنا إياك للتوكيد ؛ لأنها لو وقعت لكانت بدلا ، وإياك لم يؤكّد بها.
ويجوز أن تكون فصلا لا موضع لها من الإعراب.
و (الْحَكِيمُ) : خبر ثان ، أو صفة للعليم على قول من أجاز صفة الصفة ، وهو صحيح ؛ لأنّ هذه الصفة هي الموصوف في المعنى.
والعليم بمعنى العالم.
وأما الحكيم فيجوز أن يكون بمعنى الحاكم ، وأن يكون بمعنى المحكم.
٣٣ ـ (أَنْبِئْهُمْ) : يقرأ بتحقيق الهمزة على الأصل ، وبالياء على تليين الهمزة ؛ ولم يقلبها قلبا قياسيّا ؛ لأنه لو كان كذلك لحذفت الياء كما تحذف من قولك : أبقهم من بقيت.
وقد قرئ «أنبهم» ـ بكسر الباء من غير همزة ولا ياء ، على أن يكون إبدال الهمزة ياء إبدالا قياسيا.
وأنبأ يتعدّى بنفسه إلى مفعول واحد ، وإلى الثاني : بحرف الجر ، وهو قوله : (بِأَسْمائِهِمْ). وقد يتعدى بعن ، كقولك : أنبأته عن حال زيد. وأما قوله تعالى : (قَدْ نَبَّأَنَا اللهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ) ؛ فيذكر في موضعه.
(وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ) : مستأنف ، وليس بمحكي بقوله : (أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ).
ويجوز أن يكون محكيّا أيضا ، فيكون في موضع نصب. وتبدون وزنه تفعون ، والمحذوف منه لامه وهي واو ؛ لأنه من بدا يبدو.
والأصل في الياء التي في «إني» أن تحرّك بالفتح ، لأنها اسم مضمر على حرف واحد ، فتحرّك مثل الكاف في إنك ، فمن حركها أخرجها على الأصل ، ومن سكّنها استثقل حركة الياء بعد الكسرة.
٣٤ ـ (لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا) : الجمهور على كسر التاء.
وقرئ بضمها ، وهي قراءة ضعيفة جدّا ، وأحسن ما تحمل عليه أن يكون الراوي لم يضبط على القارئ ، وذلك أن يكون القارئ أشار إلى الضمّ تنبيها على أن الهمزة المحذوفة مضمومة في الابتداء ، ولم يدرك الراوي هذه الإشارة.
وقيل : إنه نوى الوقف على التاء ساكنة ، ثم حركها بالضم اتباعا لضمة الجيم ، وهذا من إجراء الوصل مجرى الوقف.
ومثله ما حكي عن امرأة رأت نساء معهنّ رجل ، فقالت : أفي السّوتتنّه ، بفتح التاء ، وكأنها نوت الوقف على التاء ، ثم ألقت عليها حركة الهمزة فصارت مفتوحة.
(إِلَّا إِبْلِيسَ) : استثناء منقطع ؛ لأنه لم يكن من الملائكة.
وقيل : هو متّصل ؛ لأنه كان في الابتداء ملكا.
وهو اسم أعجمي لا ينصرف للعجمة والتعريف.
وقيل : هو عربي ، واشتقاقه من الإبلاس ، ولم ينصرف للتعريف ، وإنه لا نظير له في الأسماء ، وهذا بعيد ؛ على أنّ في الأسماء مثله ، نحو : إخريط ، وإجفيل ، وإصليت ، ونحوه.
و (أَبى) : في موضع نصب على الحال من إبليس ؛ تقديره : ترك السجود كارها له ومستكبرا.
(وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ) : مستأنف ؛ ويجوز أن يكون في موضع حال أيضا.
٣٥ ـ (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ) : أنت توكيد للضمير في الفعل أتى به ليصحّ العطف عليه.
والأصل في (كل) أأكل ، مثل اقتل ، إلا أن العرب حذفت الهمزة الثانية تخفيفا ، ومثله خذ ـ ولا يقاس عليه ؛ فلا تقول في الأمر من أجر يأجر جر.
وحكى سيبويه أو كل ـ شاذّا.
(مِنْها) : أي من من ثمرتها ؛ فحذف المضاف ، وموضعه نصب بالفعل قبله ، «ومن» لابتداء الغاية.
و (رَغَداً) : صفة مصدر محذوف ؛ أي أكلا رغدا ، أي طيّبا هنيئا. ويجوز أن يكون مصدرا في موضع الحال ، تقديره : كلا مستطيبين متهنئين.
(حَيْثُ) : ظرف مكان ، والعامل فيه كلا.
ويجوز أن يكون بدلا من الجنة ؛ فيكون حيث مفعولا به ؛ لأن الجنة مفعول ، وليس بظرف ؛ لأنك تقول : سكنت البصرة وسكنت الدار ، بمعنى نزلت ؛ فهو كقولك : أنزل من الدار حيث شئت.
(هذِهِ الشَّجَرَةَ) : الهاء بدل من الياء في هذي ، لأنك تقول في المؤنث : هذي ، وهاتا ، وهاتي ، والياء للمؤنث مع الذال لا غير ، والهاء بدل منها ، لأنها تشبهها في الخفاء. والشجرة : نعت لهذه.
وقرئ في الشاذ «هذه الشّيرة» ؛ وهي لغة أبدلت الجيم فيها ياء لقربها منها في المخرج.
(فَتَكُونا) : جواب النّهي ؛ لأنّ التقدير : إن تقربا تكونا. وحذف النون هنا علامة النصب ؛ لأنّ جواب النهي إذا كان بالفاء فهو منصوب ؛ ويجوز أن يكون مجزوما بالعطف.
٣٦ ـ (فَأَزَلَّهُمَا) : يقرأ بتشديد اللام من غير ألف ؛ أي حملهما على الزلّة ؛ ويقرأ «فأزالهما» ؛ أي نحاهما ، وهو من قولك : زال الشيء يزول ، إذا فارق موضعه ، وأزلته : نحّيته ، وألفه منقلبة عن واو.
(مِمَّا كانا فِيهِ) : ما بمعنى الذي ، ويجوز أن تكون نكرة موصوفة ؛ أي من نعيم أو عيش.
(اهْبِطُوا) : الجمهور على كسر الباء ، وهي اللغة الفصيحة ، وقرئ بضمها ، وهي لغة.
(بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) : جملة في موضع الحال من الواو في «اهبطوا» ؛ أي اهبطوا متعادين ، واللام متعلقة بعدوّ ، لأن التقدير بعضكم عدوّ لبعض ، ويعمل «عدوّ» عمل الفعل ، لكن بحذف الجر.
ويجوز أن يكون صفة لعدو ، فلما تقدم عليه صار حالا.
ويجوز أن تكون الجملة مستأنفة.
وأما إفراد عدوّ فيحتمل أن يكون لما كان «بعضكم» مفردا في اللفظ أفرد عدوّ. ويحتمل أن يكون وضع الواحد موضع الجمع ، كما قال : (فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي).
(وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ) : ويجوز أن يكون مستأنفا ؛ ويجوز أن يكون حالا أيضا ؛ وتقديره : اهبطوا متعادين مستحقّين الاستقرار.
و (مُسْتَقَرٌّ) : يجوز أن يكون مصدرا بمعنى الاستقرار ، ويجوز أن يكون مكان الاستقرار.