وقيل من لم يهمز أخذه من النبوة ، وهو الارتفاع ؛ لأنّ رتبة النبي ارتفعت عن رتب سائر الخلق.
وقيل النبي : الطريق ؛ فالمبلغ عن الله طريق الخلق إلى الله ، وطريقه إلى الخلق.
وقد قرئ بالهمز على الأصل.
(بِغَيْرِ الْحَقِ) : في موضع نصب على الحال من الضمير في يقتلون ؛ والتقدير : يقتلونهم مبطلين.
ويجوز أن يكون صفة لمصدر محذوف ، تقديره قتلا بغير الحق ؛ وعلى كلا الوجهين هو توكيد.
(عَصَوْا) : أصله عصيوا ، فلما تحرّكت الياء وانفتح ما قبلها قلبت ألفا ، ثم حذفت الألف لالتقاء الساكنين وبقيت الفتحة تدلّ عليها. والواو هنا تدغم في الواو التي بعدها لأنها مفتوح ما قبلها ، فلم يكن فيها مدّ يمنع من الإدغام ، وله في القرآن نظائر ، كقوله : (فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا) ؛ فإن انضمّ ما قبل هذه الواو نحو : آمنوا وعملوا ـ لم يجز إدغامها ؛ لأن الواو المضموم ما قبلها يطول مدّها ، فيجري مجرى الحاجز بين الحرفين.
٦٢ ـ (وَالصَّابِئِينَ) : يقرأ بالهمز على الأصل ، وهو من صبأ يصبأ إذا مال ، ويقرأ بغير همز ، وذلك على قلب الهمزة ألفا في صبا ، وعلى قلبها ياء في صابي ، ولما قلبها ياء حذفها من أجل ياء الجمع.
والألف في (هادُوا) منقلبة عن واو ، لأنه من هاد يهود ، إذا تاب ، ومنه قوله تعالى : (إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ).
ويقال هو من الهوادة ، وهو الخضوع ، ويقال أصلها ياء ، من هاد يهيد ؛ إذا تحرّك.
(مَنْ آمَنَ) : من هنا شرطية في موضع مبتدأ ، والخبر آمن ، والجواب : (فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ) ، والجملة خبر إن الذين ، والعائد محذوف تقديره : من آمن منهم.
ويجوز أن يكون «من» بمعنى الذي غير جازمة ، ويكون بدلا من اسم إنّ ، والعائد محذوف أيضا.
وخبر إن «فلهم أجرهم».
وقد حمل على لفظ من آمن وعمل ، فوحّد الضمير ؛ وحمل على معناها «فلهم أجرهم» فجمع.
و (أَجْرُهُمْ) مبتدأ ، ولهم خبره.
وعند الأخفش أنّ أجرهم مرفوع بالجار.
و (عِنْدَ) : ظرف ، والعامل فيه معنى الاستقرار.
ويجوز أن يكون عند في موضع الحال من الأجر ؛ تقديره : فلهم أجرهم ثابتا عند ربّهم.
والأجر في الأصل مصدر ؛ يقال : أجره الله يأجره أجرا ، ويكون بمعنى المفعول به ؛ لأن الأجر هو الشيء الذي يجازى به المطيع ، فهو مأجور به.
٦٣ ـ (فَوْقَكُمُ) : ظرف لرفعنا. ويضعف أن يكون حالا من الطور ؛ لأن التقدير يصير : رفعنا الطّور عاليا ، وقد استفيد هذا من رفعنا ؛ ولأن الجبل لم يكن فوقهم وقت الرفع ؛ وإنما صار فوقهم بالرّفع.
(خُذُوا ما آتَيْناكُمْ) : التقدير : وقلنا : خذوا.
ويجوز أن يكون القول المحذوف حالا ؛ والتقدير : رفعنا فوقكم الطّور قائلين خذوا.
(بِقُوَّةٍ) : في موضع نصب على الحال المقدّرة ، والتقدير : خذوا الذي آتيناكموه عازمين على الجدّ في العمل به ؛ وصاحب الحال الواو في خذوا.
ويجوز أن يكون حالا من الضمير المحذوف ، والتقدير : خذوا ما آتيناكموه ، وفيه الشدة والتشدّد في الوصية بالعمل به.
٦٤ ـ (فَلَوْ لا) : هي مركبة من لو ولا ؛ و «لو» قبل التركيب يمتنع بها الشيء لامتناع غيره ، ولا للنفي ، والامتناع نفي في المعنى ، فقد دخل النفي بلا على أحد امتناعي «لو» ، والامتناع نفي في المعنى ، والنفي إذا دخل على النفي صار إيجابا ، فمن هنا صار معنى لولا هذه يمتنع بها الشيء لوجود غيره.
و (فَضْلُ اللهِ) : مبتدأ ، والخبر محذوف تقديره : لو لا فضل الله حاضر ؛ ولزم حذف الخبر لقيام العلم به ، وطول الكلام بجواب لولا ؛ فإن وقعت : «أنّ» بعد لولا ظهر الخبر ؛ كقوله تعالى : (فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ) ، فالخبر في اللفظ لأنّ.
وذهب الكوفيّون إلى أنّ الاسم الواقع بعد لولا هذه فاعل لولا.
٦٥ ـ (عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا) : علمتم هاهنا بمعنى عرفتم ؛ فيتعدى إلى مفعول واحد.
و (مِنْكُمْ) : في موضع نصب حالا من الذين اعتدوا ؛ أي المعتدين كائنين منكم.
و (فِي السَّبْتِ) متعلق باعتدوا ؛ وأصل السّبت مصدر ، يقال : سبت يسبت سبتا ؛ إذا قطع ، ثم سمّي اليوم سبتا.
وقد يقال يوم السبت ، فيخرج مصدرا على أصله. وقد قالوا : اليوم السبت ، فجعلوا اليوم خبرا عن السبت ، كما يقال : اليوم القتال ، فعلى ما ذكرنا يكون في الكلام حذف ، تقديره في يوم السبت.
(خاسِئِينَ) : الفعل منه خسأ إذا ذلّ ؛ فهو لازم مطاوع خسأته ، فاللازم منه والمتعدي بلفظ واحد ، مثل : زاد الشيء وزدته ، وغاض الماء وغضته.
وهو صفة لقردة ؛ ويجوز أن يكون خبرا ثانيا ، وأن يكون حالا من فاعل كان ، والعامل فيها كان.
٦٦ ـ (فَجَعَلْناها) : الضمير للعقوبة ، أو المسخة ، أو الأمة.
ونكالا مفعول ثان.
٦٧ ـ (يَأْمُرُكُمْ) : الجمهور على ضم الراء ، وقرئ بإسكانها ، لأن الكاف متحركة وقبل الراء حركة ؛ فسكّنوا الأوسط تشبيها له بعضد ، وأجروا المنفصل مجرى المتصل.
ومنهم من يختلس ولا يسكّن ، والجيد همزه.
وقرئ بالألف على إبدال الهمزة ألفا لسكونها وانفتاح ما قبلها ؛ ومثله : الراس والبأس.
(أَنْ تَذْبَحُوا) : في موضع نصب على تقدير إسقاط حرف الجر ؛ وتقديره : بأن تذبحوا ؛ وعلى قول الخليل هو في موضع جرّ بالباء.