ويجوز أن يقول الخليل هو هنا في موضع نصب ، فتعدّى أمر بنفسه ، كما قال : أمرتك الخير فافعل ...
(هُزُواً) : مصدر ، وفيه ثلاث لغات : الهمز وضمّ الزي ، والهمز وسكون الزاى ، وقلب الهمزة واوا مع ضمّ الزاي ، وربما سكنت الزاى أيضا.
وهو مفعول ثان لاتخذ ، وفيه مضاف محذوف ، تقديره : أتتخذنا ذوي هزؤ.
ويجوز أن يكون مصدرا بمعنى المفعول ، تقديره : مهزوءا بهم.
وجواب الاستفهام معنى (أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ) ؛ لأن المعنى أنّ الهازئ جاهل ؛ كأنه قال : لا اهزأ.
٦٨ ـ (ادْعُ لَنا) : اللغة الجيدة ضمّ العين ، والواو محذوفة علامة للبناء عند البصريين ، وللجزم عند الكوفيين.
ومن العرب من يكسر العين ، ووجهها أنه قدّر العين ساكنة كأنها آخر الفعل ، ثم كسرها لسكونها وسكون الدال قبلها.
(ما لَوْنُها) : ما اسم للاستفهام في موضع رفع بالابتداء ، ولونها الخبر ، والجملة في موضع نصب يبين.
ولو قرئ : لونها ، بالنصب ، لكان له وجه ؛ وهو أن تجعل ما زائدة كهي في قوله : (أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ) ، ويكون التقدير : يبين لنا لونها.
وأما (ما هِيَ) فابتداء وخبر لا غير ؛ إذ لا يمكن جعل ما زائدة ؛ لأن «هي» لا يصلح أن يكون مفعول يبيّن.
(لا فارِضٌ) : صفة لبقرة ، «ولا» لا تمنع ذلك ؛ لأنها دخلت لمعنى النفي ؛ فهو كقولك : مررت برجل لا طويل ولا قصير. وإن شئت جعلته خبر مبتدأ ؛ أي لا هي فارض.
(وَلا بِكْرٌ) : مثله ، وكذلك (عَوانٌ).
(بَيْنَ ذلِكَ) ؛ أي بينهما ، و «ذلك» لمّا صلح للتثنية والجمع جاز دخول بين عليه ، واكتفى به.
(ما تُؤْمَرُونَ) : أي به ، أو تؤمرونه. وما بمعنى الذي ، ويضعف أن يكون نكرة موصوفة ؛ لأنّ المعنى على العموم ، وهو بالذي أشبه.
٦٩ ـ (فاقِعٌ لَوْنُها) : إن شئت جعلت «فاقع» صفة ، ولونها مرفوعا به ، وإن شئت كان خبرا مقدّما ، والجملة صفة.
(تَسُرُّ) : صفة أيضا.
وقيل : «فاقع» صفة للبقرة ، ولونها مبتدأ ، وتسر خبره. وأنّث اللون لوجهين : أحدهما ـ أن اللون صفرة هاهنا فحمل على المعنى.
والثاني ـ أن اللون مضاف إلى المؤنث فأنّث ، كما قال : ذهبت بعض أصابعه ، و (يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ).
٧٠ ـ (إِنَّ الْبَقَرَ) : الجمهور على قراءة البقر بغير ألف ، وهو جنس للبقرة ؛ وقرئ شاذا «إنّ الباقر» ، وهو اسم جمع بقرة ، ومثله الجامل.
(تَشابَهَ) : الجمهور على تخفيف الشين وفتح الهاء ؛ لأنّ البقر تذكّر والفعل ماض.
ويقرأ بضم الهاء مع التخفيف على تأنيث البقر ؛ إذ كانت كالجمع.
ويقرأ بضم الهاء وتشديد الشين وأصله تتشابه ، فأبدلت الثانية شينا ثم أدغمت.
ويقرأ كذلك ، إلا أنه بالياء على التذكير.
(إِنْ شاءَ اللهُ) : جواب الشرط إن وما عملت فيه عند سيبويه ، وجاز ذلك لما كان الشرط متوسّطا ؛ وخبر إنّ هو جواب الشرط في المعنى ، وقد وقع بعده فصار التقدير : إن شاء الله هدايتنا ، والمفعول محذوف ، وهو هدايتنا.
وقال المبرد : الجواب محذوف دلّت عليه الجملة ؛ لأنّ الشرط معترض ، فالنيّة به التأخير ، فيصير كقولك : أنت ظالم إن فعلت.
٧١ ـ (لا ذَلُولٌ) : إذا وقع فعول صفة لم يدخله الهاء للتأنيث ، تقول : امرأة صبور شكور ، وهو بناء للمبالغة.
وذلول : رفع صفة للبقرة ، أو خبر ابتداء محذوف ، وتكون الجملة صفة.
(تُثِيرُ) : في موضع نصب حالا من الضمير في ذلول ، تقديره : لا تذل في حالّ إثارتها.
ويجوز أن يكون رفعا اتباعا لذلول.
وقيل : هو مستأنف ؛ أي هي تثير ؛ وهذا قول من قال : إن البقرة كانت تثير الأرض ، ولم تكن تسقي الزرع. وهو قول بعيد من الصحة لوجهين :
أحدهما ـ أنه عطف عليه (وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ) ؛ فنفى المعطوف ؛ فيجب أن يكون المعطوف عليه كذلك ؛ لأنه في المعنى واحد. ألا ترى أنك لا تقول : مررت برجل قائم ولا قاعد ، بل تقول : لا قاعد ، بغير واو ، كذلك يجب أن يكون هنا.
والثاني ـ أنها لو أثارت الأرض لكانت ذلولا ، وقد نفى ذلك.
ويجوز على قول من أثبت هذا الوجه أن تكون تثير في موضع رفع صفة للبقرة.
(وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ) : يجوز أن يكون صفة أيضا ؛ وأن يكون خبر ابتداء محذوف.
وكذلك (مُسَلَّمَةٌ) ، و (لا شِيَةَ فِيها). والأحسن أن يكون صفة.
والأصل في شية : وشية ؛ لأنه من وشا يشي ، فلما حذفت الواو في الفعل حذفت في المصدر ، وعوّضت التاء من المحذوف ، ووزنها الآن علّة.
و «فيها» خبر «لا» في موضع رفع.
(قالُوا : الْآنَ) : الألف واللام في الآن زائدة ، وهو مبنيّ ؛ قال الزجاج : بني ؛ لتضمّنة معنى حرف الإشارة ، كأنك قلت هذا الوقت.
وقال أبو علي : بني لتضمّنة معنى لام التعريف ؛ لأن الألف واللام الملفوظ بهما لم تعرّفه ؛ ولا هو علم ولا مضمر ؛ ولا شيء من أقسام المعارف ؛ فيلزم أن يكون تعريفه باللام المقدرة ؛ واللام هنا زائدة زيادة لازمة كما لزمت في الذي ، وفي اسم الله.