وقرأ ابن عباس أن يطّاف ، والأصل أن يتطاف ، وهو يفتعل من الطواف.
وقال آخرون : الوقف على (بِهِما) ، وعليه خبر لا ، والتقدير على هذا : فلا جناح عليه في أن يطوف ، فلما حذف «في» جعلت أن في موضع نصب. وعند الخليل في موضع جر.
وقيل التقدير : فلا جناح عليه ألّا يطوف بهما ؛ لأنّ الصحابة كانوا يمتنعون من الطّواف بهما لما كان عليهما من الأصنام ؛ فمن قال هذا لم يحتج إلى تقدير لا.
(وَمَنْ تَطَوَّعَ) : يقرّأ على لفظ الماضي ، فمن على هذا يجوز أن تكون بمعنى الذي والخبر (فَإِنَّ اللهَ). والعائد محذوف تقديره له.
ويجوز أن يكون «من» شرطا ، والماضي بمعنى المستقبل.
وقرئ : يطوّع على لفظ المستقبل ؛ فمن على هذا شرط لا غير. لأنه جزم بها ، وأدغم التاء في الطاء.
و (خَيْراً) : منصوب بأنه مفعول به ، والتقدير : بخير ؛ فلما حذف الحرف وصل الفعل.
ويجوز أن يكون صفة لمصدر محذوف : أي تطوّعا خيرا. وإذا جعلت من شرطا لم يكن في الكلام حذف ضمير ، لأن ضمير من في يطوع.
١٥٩ ـ (مِنَ الْبَيِّناتِ) : من يتعلق بمحذوف ؛ لأنها حال من «ما» ، أو من العائد المحذوف ؛ إذ الأصل ما أنزلناه.
ويجوز أن يتعلّق بأنزلنا على أن يكون مفعولا به.
(مِنْ بَعْدِ) : من يتعلق بيكتمون ، ولا يتعلّق بأنزلنا ؛ لفساد المعنى ؛ لأنّ الإنزال لم يكن بعد التبيين ، إنما الكتمان بعد التبين.
(فِي الْكِتابِ) : في متعلقة ببيّنا ، وكذلك اللام ، ولم يمتنع تعلّق الجارّين به لاختلاف معناهما.
ويجوز أن يكون «في» حالا ؛ أي كائنا في الكتاب.
(أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ) : مبتدأ وخبر في موضع خبر إنّ.
(وَيَلْعَنُهُمُ) : يجوز أن يكون معطوفا على «يلعنهم» الأولى. وأن يكون مستأنفا.
١٦٠ ـ (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا) : استثناء متّصل في موضع نصب ، والمستثنى منه الضمير في «يلعنهم».
وقيل : هو منقطع ؛ لأن الذين كتموا لعنوا قبل أن يتوبوا ؛ وإنما جاء الاستثناء لبيان قبول التوبة ، لا لأنّ قوما من الكاتمين لم يلعنوا.
١٦١ ـ (أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ) : قد ذكرناه في قوله : (أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ).
وقرأ الحسن : والملائكة والنّاس أجمعون.
بالرفع ، وهو معطوف على موضع اسم الله ؛ لأنه في موضع رفع ؛ لأن التقدير : أولئك عليهم أن يلعنهم الله ؛ لأنه مصدر أضيف إلى الفاعل.
١٦٢ ـ (خالِدِينَ فِيها) : هو حال من الهاء والميم في عليهم.
(لا يُخَفَّفُ) : حال من الضمير في خالدين ، وليست حالا ثانية من الهاء والميم لما ذكرنا في غير موضع ؛ لأنّ الاسم الواحد لا ينتصب عنه حالان.
ويجوز أن يكون مستأنفا لا موضع له.
١٦٣ ـ (إِلهٌ واحِدٌ) : إله خبر المبتدأ ، وواحد صفة له.
والغرض هنا هو الصفة ؛ إذ لو قال : وإلهكم واحد لكان هو المقصود ، إلا أنّ في ذكره زيادة توكيد ، وهذا يشبه الحال الموطئة ، كقولك : مررت بزيد رجلا صالحا. وكقولك في الخبر : زيد شخص صالح.
(إِلَّا هُوَ) : المستثنى في موضع رفع بدلا من موضع لا إله ؛ لأن موضع «لا» وما عملت فيه رفع بالابتداء ؛ ولو كان موضع المستثنى نصبا لكان إلا إياه.
و (الرَّحْمنُ) : بدل من هو. أو خبر مبتدأ ؛ ولا يجوز أن يكون صفة لهو ؛ لأنّ الضمير لا يوصف. ولا يكون خبرا لهو ؛ لأنّ المستثنى هنا ليس بجملة.
١٦٤ ـ (وَالْفُلْكِ) : يكون واحدا وجمعا بلفظ واحد ؛ فمن الجمع هذا الموضع ، وقوله : (حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ ، وَجَرَيْنَ بِهِمْ).
ومن المفرد : (الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ).
ومذهب المحقّقين أنّ ضمّة الفاء فيه إذا كان جمعا غير الضمة التي في الواحد ؛ ودليل ذلك أنّ ضمة الجمع تكون فيما واحده غير مضموم ، نحو : أسد وكتب ؛ والواحد أسد وكتاب ، ونظير ذلك الضمة في صاد «منصور» إذا رخّمته على لغة من قال يا حار ، فإنها ضمّة حادثة ؛ وعلى من قال : يا حار ـ تكون الضمة في يا منص هي الضمة في منصور.
(مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ) : من الأولى لابتداء الغاية ، والثانية لبيان الجنس ؛ إذ كان ينزل من السماء ماء وغيره.
(وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ) : مفعول بثّ محذوف ، تقديره : وبثّ فيها دوابّ ، من كل دابّة.
ويجوز على مذهب الأخفش أن تكون من زائدة ؛ لأنه يجيزه في الواجب.
(وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ) : هو مصدر مضاف إلى المفعول.
ويجوز أن يكون أضيف إلى الفاعل ، ويكون المفعول محذوفا ؛ والتقدير : وتصريف الرياح السحاب ؛ لأنّ الرياح تسوق السحاب وتصرّفه.
ويقرأ الرياح بالجمع ، لاختلاف أنواع الريح ، وبالإفراد على الجنس ، أو على إقامة المفرد مقام الجمع.
وياء الريح مبدلة من واو ؛ لأنه من راح يروح ، وروّحته ، والجمع أرواح.
وأما الرياح فالياء فيه مبدلة من واو ؛ لأنه جمع أوله مكسور ، وبعد حرف العلة فيه ألف زائدة ، والواحد عينه ساكنة ، فهو مثل سوط وسياط ، إلا أنّ واو الريح قلبت ياء لسكونها وانكسار ما قبلها.