ويجوز أن تضمر معها «قد» فتكون حالا.
(حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ) : يقرأ بالنصب ؛ والتقدير : إلى أن يقول الرسول ، فهو غاية ، والفعل هنا مستقبل حكيت به حالهم ، والمعنى على المضي ؛ والتقدير : إلى أن قال الرسول.
ويقرأ بالرفع على أن يكون التقدير : وزلزلوا فقال الرسول ؛ فالزلزلة سبب القول ، وكلا الفعلين ماض فلم تعمل فيه حتى.
(مَتى نَصْرُ اللهِ) : الجملة وما بعدها في موضع نصب بالقول ، وفي هذا الكلام إجمال ؛ وتفصيله أن اتباع الرسول قالوا : متى نصر الله؟ فقال الرسول : ألّا إنّ نصر الله قريب.
وموضع «متى» رفع لأنه خبر المصدر. وعلى قول الأخفش موضعه نصب على الظرف. ونصر مرفوع به.
٢١٥ ـ (يَسْئَلُونَكَ) : يجوز أن تلقى حركة الهمزة على السين وتحذفها ، ومن قال سال فجعلها ألفا مبدلة من واو قال : يسألونك مثل يخافونك.
(ما ذا يُنْفِقُونَ) : في ماذا مذهبان للعرب :
أحدهما ـ أن تجعل «ما» استفهاما. بمعنى أي شيء ، و «ذا» بمعنى الذي. وينفقون صلته ، والعائد محذوف ؛ فتكون «ما» مبتدأ ، و «ذا» وصلته خبر ؛ ولا تجعل «ذا» بمعنى الذي إلا مع «ما» عند البصريين.
وأجاز الكوفيون ذلك مع غير «ما».
والمذهب الثاني ـ أن تجعل «ما» و «ذا» بمنزلة اسم واحد للاستفهام ، وموضعه هنا نصب بينفقون ؛ وموضع الجملة نصب بيسألون على المذهبين.
(ما أَنْفَقْتُمْ) : «ما» شرط في موضع نصب بالفعل الذي بعدها.
و (مِنْ خَيْرٍ) : قد تقدّم إعرابه.
(فَلِلْوالِدَيْنِ) : جواب الشرط.
ويجوز أن تكون «ما» بمعنى الذي ، فتكون مبتدأ والعائد محذوف ، ومن خير ـ حال من المحذوف ؛ فللوالدين الخبر.
فأمّا : (وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ) فشرط البتة.
٢١٦ ـ (وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ) : الجملة في موضع الحال ؛ وقيل في موضع الصفة.
ويقرأ بضمّ الكاف وفتحها ، وهما لغتان بمعنى.
وقيل الفتح بمعنى الكراهية ، فهو مصدر ، والضم اسم المصدر.
وقيل الضم بمعنى المشقة ، أو إذا كان مصدرا احتمل أن يكون المعنى فرض القتال إكراه لكم ؛ فيكون هو كناية عن الفرض والكتب. ويجوز أن يكون كناية عن القتال ؛ فيكون الكره بمعنى المكروه.
(وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا) : أن والفعل في موضع رفع فاعل عسى ، وليس في عسى ضمير.
(وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) : جملة في موضع نصب ، فيجوز أن يكون صفة لشيء ؛ وساغ دخول الواو لما كانت صورة الجملة هنا كصورتها إذا كانت حالا.
ويجوز أن تكون حالا من النكرة ، لأنّ المعنى يقتضيه.
٢١٧ ـ (قِتالٍ فِيهِ) : هو بدل من الشّهر بدل الاشتمال ؛ لأنّ القتال يقع في الشهر.
وقال الكسائي : هو مخفوض على التكرير ، يريد أنّ التقدير : عن قتال فيه ؛ وهو معنى قول الفراء ؛ لأنه قال : هو مخفوض بعن مضمرة ؛ وهذا ضعيف جدّا ؛ لأن حرف الجر لا يبقى عمله بعد حذفه في الاختيار.
وقال أبو عبيدة : هو مجرور على الجوار ، وهو أبعد من قولهما ؛ لأنّ الجوار من مواضع الضرورة والشذوذ ، ولا يحمل عليه ما وجدت عنه مندوحة.
و «فيه» : يجوز أن يكون نعتا لقتال. ويجوز أن يكون متعلّقا به ، كما يتعلّق بقاتل.
وقد قرئ بالرفع في الشاذ ، ووجهه على أن يكون خبر مبتدأ محذوف معه همزة الاستفهام ؛ تقديره : أجائز قتال فيه.
(قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ) : مبتدأ وخبر. وجاز الابتداء بالنكرة ؛ لأنها قد وصفت بقوله : «فيه».
فإن قيل : النكرة إذا أعيدت أعيدت بالألف واللام ، كقوله : (فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ).
قيل : ليس المراد تعظيم القتال المذكور المسئول عنه حتى يعاد بالألف واللام ؛ بل المراد تعظيم أيّ قتال كان في الشهر الحرام ؛ فعلى هذا قتال الثاني غير القتال الأوّل.
(وَصَدٌّ) : مبتدأ ، و (عَنْ سَبِيلِ اللهِ) : صفة له ، أو متعلق به ؛ (وَكُفْرٌ) : معطوف على صدّ.
(وَإِخْراجُ أَهْلِهِ) : معطوف أيضا ، وخبر الأسماء الثلاثة (أَكْبَرُ). وقيل : خبر صدّ وكفر محذوف أيضا أغنى عنه خبر إخراج أهله ؛ ويجب أن يكون المحذوف على هذا أكبر لا كبير كما قدّره بعضهم ؛ لأن ذلك يوجب أن يكون إخراج أهل المسجد منه أكبر من الكفر ، وليس كذلك.
وأما جرّ المسجد الحرام فقيل : هو معطوف على الشهر الحرام ؛ وقد ضعّف ذلك بأنّ القوم لم يسألوا عن المسجد الحرام ، إذ لم يشكّوا في تعظيمه ؛ وإنما سألوا عن القتال في الشهر الجرام ؛ لأنه وقع منهم ولم يشعروا بدخوله ؛ فخافوا من الإثم ، وكان المشركون عيّروهم بذلك.
وقيل : هو معطوف على الهاء في «به» ؛ وهذا لا يجوز عند البصريين إلا أن يعاد الجار.
وقيل : هو معطوف على السبيل ؛ وهذا لا يجوز لأنه معمول المصدر ، والعطف بقوله : (وَكُفْرٌ بِهِ) يفرق بين الصلة والموصول.
والجيد أن يكون متعلقا بفعل محذوف دلّ عليه الصدّ ؛ تقديره : ويصدون عن المسجد ؛ كما قال تعالى : (هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ).
(حَتَّى يَرُدُّوكُمْ) : يجوز أن تكون حتى بمعنى كي ، وأن تكون بمعنى إلى ، وهي في الوجهين متعلّقة بيقاتلونكم.