والطّير واقع على الجنس ، والواحد طائر.
(فَصُرْهُنَ) : يقرأ بضم الصاد وتخفيف الراء ، وبكسر الصاد وتخفيف الراء ؛ ولهما معنيان :
أحدهما ـ أملهن ، يقال صاره يصوره ويصيره ، إذا أماله ؛ فعلى هذا تتعلّق «إلى» بالفعل ؛ وفي الكلام محذوف ، تقديره : أملهنّ إليك ثم قطّعهنّ.
والمعنى الثاني ـ أن يصوره ويصيره بمعنى يقطعه ؛ فعلى هذا في الكلام محذوف يتعلّق به «إلى» ؛ أي فقطعهن بعد أن تميلهنّ إليك.
والأجود عندي أن تكون (إِلَيْكَ) حالا من المفعول المضمر ، تقديره : فقطّعهن مقربة إليك ، أو ممالة ، ونحو ذلك.
ويقرأ بضمّ الصاد وتشديد الراء ؛ ثم منهم من يضمّها ، ومنهم من يفتحها ، ومنهم من يكسرها ، مثل مدهن ، فالضمّ على الإتباع ، والفتح للتخفيف ، والكسر على أصل التقاء الساكنين ؛ والمعنى في الجميع من صرّه يصرّه إذا جمعه.
(مِنْهُنَ) : في موضع نصب على الحال من (جُزْءاً) ؛ وأصله صفة للنكرة قدّم عليها فصار حالا.
ويجوز أن يكون مفعولا لا جعل.
وفي الجزء لغتان : ضمّ الزاي ، وتسكينها ، وقد قرئ بهما ، وفيه لغة ثالثة كسر الجيم ، ولم أعلم أحدا قرأ به.
وقرئ بتشديد الزاي من غير همزة. والوجه فيه أنه نوى الوقف عليه ، فحذف الهمزة بعد أن ألقى حركتها على الزاي ثم شدّد الزاي ؛ كما تقول في الوقف : هذا فرحّ ، ثمّ أجرى الوصل مجرى الوقف.
و (يَأْتِينَكَ) : جواب الأمر.
و (سَعْياً) : مصدر في موضع الحال ؛ أي ساعيات.
ويجوز أن يكون مصدرا مؤكدا ؛ لأن السّعي والإتيان متقاربان ، فكأنه قال : يأتينك إتيانا.
٢٦١ ـ (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ) : في الكلام حذف مضاف تقديره : مثل إنفاق الذين ينفقون ، أو مثل نفقة الّذين ينفقون. ومثل مبتدأ ، و (كَمَثَلِ حَبَّةٍ) خبره ؛ وإنما قدّر المحذوف ، لأنّ الذين ينفقون لا يشبّهون بالحبّة ؛ بل إنفاقهم أو نفقتهم.
(أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ) : الجملة في موضع جرّ صفة لحبة.
(فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ) : ابتداء وخبر في موضع جرّ صفة لسنابل. ويجوز أن يرفع مائة حبّة بالجار ، لأنه قد اعتمد لمّا وقع صفة.
ويجوز أن تكون الجملة صفة لسبع ؛ كقولك : رأيت سبعة رجال أحرار وأحرارا.
ويقرأ في الشاذ مائة ـ بالنصب ، بدلا من سبع ، أو بفعل محذوف تقديره : أخرجت.
والنون في «سنبلة» زائدة ، وأصله من أسبل ؛ وقيل هي أصل.
والأصل في مائة مئية ، يقال : أمأت الدراهم إذا صارت مائة ، ثم حذفت اللام تخفيفا ؛ كما حذفت لام يد.
٢٦٢ ـ (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ) : مبتدأ ، والخبر (لَهُمْ أَجْرُهُمْ).
ولام الأذى ياء ، يقال : أذى يأذى أذى ، مثل نصب ينصب نصبا.
٢٦٣ ـ (قَوْلٌ مَعْرُوفٌ) : مبتدأ ، و (مَغْفِرَةٌ) معطوف عليه ؛ والتقدير : وسنت مغفرة ؛ لأنّ المغفرة من الله ، فلا تفاضل بينها وبين فعل عبده.
ويجوز أن تكون المغفرة مجاوزة المزكّي واحتماله للفقير ؛ فلا يكون فيه حذف مضاف ، والخبر (خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ).
و (يَتْبَعُها) : صفة لصدقة.
وقيل : قول معروف مبتدأ ، خبره محذوف ؛ أي أمثل من غيره ، ومغفرة مبتدأ ، وخير خبره.
٢٦٤ ـ (كَالَّذِي يُنْفِقُ) : الكاف في موضع نصب نعتا لمصدر محذوف ، وفي الكلام حذف مضاف ، تقديره : إبطالا كإبطال الذي ينفق.
ويجوز أن يكون في موضع الحال من ضمير الفاعلين ؛ أي لا تبطلوا صدقاتكم مشبهين الذي ينفق ماله ؛ أي مشبهين الذي يبطل إنفاقه بالرّياء.
و (رِئاءَ النَّاسِ) : مفعول من أجله. ويجوز أن يكون مصدرا في موضع الحال ؛ أي ينفق مرائيا.
والهمزة الأولى في رئاء عين الكلمة ، لأنه من راءى ؛ والأخيرة بدل من الياء ، لوقوعها طرفا بعد ألف زائدة كالقضاء والدّماء.
ويجوز تخفيف الهمزة الأولى بأن تقلب ياء فرارا من ثقل الهمزة بعد الكسرة ، وقد قرئ به ، والمصدر هنا مضاف إلى المفعول.
ودخلت الفاء في قوله : (فَمَثَلُهُ) لربط الجملة بما قبلها.
والصّفوان : جمع صفوانة ، والجيّد أن يقال هو جنس لا جمع ؛ ولذلك عاد الضمير إليه بلفظ الإفراد في قوله : (عَلَيْهِ تُرابٌ). وقيل : هو مفرد. وقيل واحده صفا ، وجمع فعل على فعلان قليل ، وحكي صفوان ـ بكسر الصاد ، وهو أكثر الجموع.
ويقرأ بفتح الفاء ، وهو شاذّ ؛ لأنّ فعلانا شاذ في الأسماء ؛ وإنما يجئ في المصادر مثل الغليان ، والصفات مثل يوم صحوان.
و (عَلَيْهِ تُرابٌ) : في موضع جرّ صفة لصفوان ، ولك أن ترفع ترابا بالجرّ ، لأنه قد اعتمد على ما قبله ؛ وأن ترفعه بالابتداء.
والفاء في : (فَأَصابَهُ) عاطفة على الجار ؛ لأنّ تقديره : استقر عليه تراب فأصابه. وهذا أحد ما يقوّي شبه الظرف بالفعل.
والألف في «أصاب» منقلبة عن واو ؛ لأنه من صاب يصوب.
(فَتَرَكَهُ صَلْداً) : هو مثل قوله : (وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ). وقد ذكر في أوّل السّورة.
(لا يَقْدِرُونَ) : مستأنف لا موضع له ؛ وإنما جمع هنا بعد ما أفرد في قوله : «كالذي» ، وما بعده ؛ لأنّ الذي هنا جنس ، فيجوز أن يعود الضمير إليه مفردا وجمعا ؛ ولا يجوز أن يكون حالا من الذي ؛ لأنه قد فصل بينهما بقوله : (فَمَثَلُهُ) وما بعده.
٢٦٥ ـ (ابْتِغاءَ) : مفعول من أجله ، (وَتَثْبِيتاً) : معطوف عليه.
ويجوز أن يكون حالين ؛ أي مبتغين ومتثبّتين.
(مِنْ أَنْفُسِهِمْ) : يجوز أن يكون من بمعنى اللام : أي تثبيتا لأنفسهم ، كما تقول : فعلت ذلك كسرا من شهوتي.
ويجوز أن تكون على أصلها ؛ أي تثبيتا صادرا من أنفسهم. والتثبيت : مصدر فعل متعدّ ؛ فعلى الوجه الأول يكون من أنفسهم مفعول المصدر.
وعلى الوجه الثاني يكون المفعول محذوفا تقديره : ويثبتون أعمالهم بإخلاص النيّة.
ويجوز أن يكون تثبيتا بمعنى تثبّت فيكون لازما ، والمصادر قد تختلف ويقع بعضها موقع بعض ؛ ومثله قوله تعالى : (وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً) ؛ أي تبتّلا.
وفي قوله : (وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ) حذف تقديره : ومثل نفقة الذين ينفقون ؛ لأنّ المنفق لا يشبه بالجنة ، وإنما تشبّه النفقة التي تزكو بالجنة التي تثمر.
و (الرّبوة) ـ بضم الراء وفتحها وكسرها ثلاث لغات ، وفيها لغة أخرى رباوة ، وقد قرئ بذلك كله.