ويجوز أن يكون جمع نازل ، كما قال الأعشى : أو ينزلون فإنّا معشر نزل وقد ذكر ذلك أبو علي في التذكرة ؛ فعلى هذا يجوز أن يكون حالا من الضمير في خالدين.
ويجوز ـ إذا جعلته مصدرا ـ أن يكون بمعنى المفعول ، فيكون حالا من الضمير المجرور في فيها ؛ أي منزولة.
(مِنْ عِنْدِ اللهِ) : إن جعلت نزلا مصدرا كان من عند الله صفة له ؛ وإن جعلته جمعا ففيه وجهان :
أحدهما ـ هو حال من المفعول المحذوف ؛ لأنّ التقدير : نزلا إياها.
والثاني ـ أن يكون خبر مبتدأ محذوف ؛ أي ذلك من عند الله ؛ أي بفضله.
(وَما عِنْدَ اللهِ) : ما بمعنى الذي ، وهو مبتدأ ، وفي الخبر وجهان :
أحدهما ـ هو (خَيْرٌ) ، و (لِلْأَبْرارِ) : نعت لخير.
والثاني ـ أن يكون الخبر للأبرار ، والنّية به التقديم ؛ أي والذي عند الله مستقرّ للأبرار ، وخير على هذا خبر ثان.
وقال بعضهم : للأبرار حال من الضمير في الظّرف ، وخير خبر المبتدأ ؛ وهذا بعيد ؛ لأنّ فيه الفصل بين المبتدأ والخبر بحال لغيره ، والفصل بين الحال وصاحب الحال بخبر المبتدأ ؛ وذلك لا يجوز في الاختيار.
١٩٩ ـ (لَمَنْ يُؤْمِنُ) : «من» في موضع نصب اسم إن ، ومن نكرة موصوفة أو موصولة.
و (خاشِعِينَ) : حال من الضمير في يؤمن ، وجاء جمعا على معنى «من».
ويجوز أن يكون حالا من الهاء والميم في (إِلَيْهِمْ) ، فيكون العامل أنزل.
و (لِلَّهِ) : متعلق بخاشعين ، وقيل : هو متعلق بقوله : (لا يَشْتَرُونَ) ؛ وهو في نيّة التأخير ؛ أي لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا لأجل الله.
(أُولئِكَ) : مبتدأ ، و (لَهُمْ أَجْرُهُمْ) فيه أوجه :
أحدها ـ أنّ قوله «لهم» خبر أجر ، والجملة خبر الأول ؛ و (عِنْدَ رَبِّهِمْ) : ظرف للأجر ؛ لأنّ التقدير : لهم أن يؤجروا عند ربهم.
ويجوز أن يكون حالا من الضمير في «لهم» ، وهو ضمير الأجر.
والآخر أن يكون الأجر مرتفعا بالظّرف ارتفاع الفاعل بفعله ؛ فعلى هذا يجوز أن يكون «عند» ظرفا للأجر ، وحالا منه.
والوجه الثالث ـ أن يكون أجرهم مبتدأ ؛ وعند وبهم خبره ، ويكون لهم يتعلّق بما دلّ عليه الكلام من الاستقرار والثبوت ، لأنّه في حكم الظرف.
سورة النساء
قد مضى القول في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ) : في أوائل البقرة.
١ ـ (مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) : في موضع نصب بخلقكم ، ومن لابتداء الغاية ، وكذلك (مِنْها زَوْجَها).
و (مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً) : نعت لرجال ؛ ولم يؤنّثه ، لأنّه حمله على المعنى ؛ لأنّ رجالا بمعنى عدد أو جنس أو جمع ، كما ذكر الفعل المسند إلى جماعة المؤنث ؛ كقوله : (وَقالَ نِسْوَةٌ).
وقيل «كثيرا» نعت لمصدر محذوف ؛ أي بثّا كثيرا. (تَسائَلُونَ) : يقرأ بتشديد السين ، والأصل تتساءلون ، فأبدلت التاء الثانية سينا ، فرارا من تكرير المثل ، والتاء تشبه السين في الهمس.
ويقرأ بالتخفيف ، على حذف التاء الثانية ، لأنّ الباقية تدل عليها ، ودخل حرف الجر في المفعول ؛ لأنّ المعنى تتحالفون به.
(وَالْأَرْحامَ) : يقرأ بالنصب ، وفيه وجهان :
أحدهما ـ معطوف على اسم الله ؛ أي واتقوا الأرحام أن تقطعوها.
والثاني ـ هو محمول على موضع الجارّ والمجرور ، كما تقول : مررت بزيد وعمرا ؛ والتقدير : الذي تعظّمونه والأرحام ؛ لأنّ الحلف به تعظيم له.
ويقرأ بالجر ؛ قيل : هو معطوف على المجرور ، وهذا لا يجوز عند البصريين ، وإنما جاء في الشّعر على قبحه. وأجازه الكوفيون على ضعف.
وقيل : الجر على القسم ؛ وهو ضعيف أيضا ، لأنّ الأخبار وردت بالنّهي عن الحلف بالآباء ؛ ولأنّ التقدير في القسم : وبربّ الأرحام ، وهذا قد أغنى عنه ما قبله.
وقد قرئ شاذا بالرفع ؛ وهو مبتدأ ، والخبر محذوف ، تقديره : والأرحام محترمة ، أو واجب حرمتها.
٢ ـ (بِالطَّيِّبِ) : هو المفعول الثاني لتتبدّلوا.
(إِلى أَمْوالِكُمْ) : إلى متعلقة بمحذوف ، وهو في موضع الحال ؛ أي مضافة إلى أموالكم.
وقيل : هو مفعول به على المعنى ؛ لأنّ معنى لا تأكلوا أموالهم : لا تضيفوها.
(إِنَّهُ) : الهاء ضمير المصدر الذي دلّ عليه تأكلوا ؛ أي إن الأكل والأخذ ...
والجمهور على ضمّ الحاء من (حُوباً) ؛ وهو اسم للمصدر ، وقيل : مصدر.
ويقرأ بفتحها ، وهو مصدر حاب يحوب ؛ إذا أثم.
٣ ـ (وَإِنْ خِفْتُمْ) : في جواب هذا الشرط وجهان :
أحدهما ـ هو قوله : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ ...) ؛ وإنما جعل جوابا لأنّهم كانوا يتحرّجون من الولاية في أموال اليتامى ، ولا يتحرّجون من الاستكثار من النساء ، مع أنّ الجور يقع بينهن إذا كثرن ، فكأنه قال : إذا تحرّجتم من هذا فتحرّجوا من ذلك.