(لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً) : الجملة خبر المبتدأ ؛ وأيهم مبتدأ ؛ وأقرب خبره ؛ والجملة في موضع نصب بتدرون ؛ وهي معلّقة عن العمل لفظا ؛ لأنّها من أفعال القلوب.
و (نَفْعاً) : تمييز.
و (فَرِيضَةً) : مصدر لفعل محذوف ؛ أي فرض ذلك فريضة.
١٢ ـ (وَإِنْ كانَ رَجُلٌ) : في «كان» وجهان :
أحدهما ـ هي تامة ، ورجل فاعلها ، و (يُورَثُ) : صفة له ، و (كَلالَةً) : حال من الضمير في يورث.
والكلالة على هذا : اسم للميّت الذي لم يترك ولدا ولا والدا.
ولو قرئ كلالة ـ بالرفع على أنه صفة ، أو بدل من الضمير في يورث لجاز ، غير أني لم أعرف أحدا قرأ به ، فلا تقر أنّ إلا بما نقل.
والوجه الثاني ـ أنّ كل هي الناقصة ، ورجل اسمها ، ويورث خبرها ، وكلالة حال أيضا.
وقيل : الكلالة اسم للمال الموروث ؛ فعلى هذا ينتصب كلالة على المفعول الثاني ليورث ، كما تقول : ورث زيد مالا.
قيل : الكلالة اسم للورثة الذين ليس فيهم ولد ولا والد ؛ فعلى هذا لا وجه لهذا الكلام على القراءة المشهورة ؛ لأنّه لا ناصب له ، ألا ترى أنك لو قلت زيد يورث إخوة لم يستقم ، وإنما يصحّ على قراءة من قرأ بكسر الراء مخففة ومثقلة ، وقد قرئ بهما.
وقيل : يصحّ هذا المذهب على تقدير حذف مضاف ، تقديره : وإن كان رجل يورث ذا كلالة ، فذا حال ، أو خبر كان.
ومن كسر الراء جعل كلالة مفعولا به ، وتكون الكلالة إما الورثة وإما المال ؛ وعلى كلا الأمرين أحد المفعولين محذوف ؛ والتقدير يورث أهله مالا.
(وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ) : إن قيل قد تقدّم ذكر الرجل والمرأة فلم أفرد الضمير وذكّره؟
قيل : أما إفراده فلأنّ «أو» لأحد الشيئين ، وقد قال أو امرأة ، فأفرد الضمير لذلك ؛ وأما تذكيره ففيه ثلاثة أوجه :
أحدها ـ يرجع إلى الرجل ، لأنّه مذكّر مبدوء به.
والثاني ـ أنه يرجع إلى أحدهما ، ولفظ أحد مذكر. والثالث ـ أنه راجع إلى الميت ، أو الموروث ، لتقدّم ما يدلّ عليه.
(فَإِنْ كانُوا) : الواو ضمير الإخوة من الأمّ المدلول عليهم بقوله : أخ أو أخت ؛ و (ذلِكَ) : كناية عن الواحد.
(يُوصى بِها) : يقرأ بكسر الصاد ؛ أي يوصى بها المحتضر ؛ وبفتحها على ما لم يسمّ فاعله ، وهو في معنى القراءة الأولى.
ويقرأ بالتشديد على التكثير.
(غَيْرَ مُضَارٍّ) : حال من ضمير الفاعل في يوصي.
والجمهور على تنوين مضارّ ، والتقدير غير مضار بورثته.
و (وَصِيَّةٍ) : مصدر لفعل محذوف ؛ أي وصى الله بذلك ؛ ودلّ على المحذوف قوله : غير مضار.
وقرأ الحسن : غير مضارّ وصية بالإضافة ؛ وفيه وجهان :
أحدهما ـ تقديره : غير مضار أهل وصية ، أو ذي وصية ، فحذف المضاف.
والثاني ـ تقديره : غير مضار وقت وصية ، فحذف ، وهو من إضافة الصفة إلى الزمان. ويقرب من ذلك قولهم : هو فارس حرب ؛ أي فارس في الحرب ، ويقال : هو فارس زمانه ؛ أي في زمانه ، كذلك التقدير للقراءة غير مضارّ في وقت الوصية.
١٣ ـ (يُدْخِلْهُ) : في الآيتين بالياء والنون ، ومعنا هما واحد.
١٤ ـ (ناراً خالِداً فِيها) : نارا : مفعول ثان ليدخل. وخالدا : حال من المفعول الأول.
ولا يجوز أن يكون صفة لنار ؛ لأنّه لو كان كذلك لبرز ضمير الفاعل لجريانه على غير من هو له ، ويخرّج على قول الكوفيين بجواز جعله صفة ، لأنّهم لا يشترطون إبراز الضمير في هذا النحو.
١٥ ـ (وَاللَّاتِي) : هو جمع «التي» على غير قياس. وقيل : هي صيغة موضوعة للجمع.
وموضعها رفع بالابتداء ، والخبر (فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ) ؛ وجاز ذلك وإن كان أمرا ، لأنّه صار في حكم الشرط حيث وصلت التي بالفعل ، وإذا كان كذلك لم يحسن النصب ؛ لأنّ تقدير الفعل قبل أداة الشرط لا يجوز.
وتقديره بعد الصلة يحتاج إلى إضمار فعل غير قوله : «فاستشهدوا» ؛ لأنّ استشهدوا لا يصحّ أن يعمل النصب في اللاتي ، وذلك لا يحتاج إليه مع صحة الابتداء.
وأجاز قوم النصب بفعل محذوف تقديره : اقصدوا اللاتي ، أو تعمّدوا.
وقيل : الخبر محذوف ، تقديره : وفيما يتلى عليكم حكم اللاتي ، ففيما يتلى هو الخبر ، وحكم هو المبتدأ ؛ فحذفا لدلالة قوله : «فاستشهدوا» ؛ لأنّه الحكم المتلوّ عليهم.
(أَوْ يَجْعَلَ اللهُ) : أو عاطفة ؛ والتقدير : أو إلى أن يجعل الله.
وقيل : هي بمعنى إلا أن ؛ وكلا هما مستقيم.
(لَهُنَ) : يجوز أن يتعلّق بيجعل ؛ وأن يكون حالا من (سَبِيلاً).