كتاب الوجيز ومنهج المؤلّف فيه
هذا الكتاب من أصول الكتب المؤلّفة في التفسير مع اختصاره ، وقد ألّفه المصنّف استجابة لرغبات بعض طلّاب العلم في الحصول على تفسير كامل للقرآن الكريم موجز ، وكان قد بدأ أوّلا بتأليف كتابه «البسيط في التفسير» ثمّ طال الأمر في ذلك ، فصنّف هذا الكتاب تعجيلا للمنفعة حيث قال (١) :
«كنت قد ابتدأت بإبداع كتاب في التفسير ، لم أسبق إلى مثله ، وطال عليّ الأمر في ذلك لشرائط تقلّدتها ، ومواجب من حقّ النصيحة لكتاب الله تحمّلتها ، ثمّ استعجلني قبل إتمامه ، والتّقصي عمّا لزمني من عهدة أحكامه نفر متقاصرو الرّغبات ، منخفضو الدّرجات ، أولو البضائع المزجاة ، إلى إيجاز كتاب في التفسير ، يقرب على من تناوله ، ويسهل على من تأمّله ، من أوجز ما عمل في بابه ، وأعظمه فائدة على متحفّظيه وأصحابه». فقد وصف المؤلّف كتابه وصفا يتلاءم مع الكتاب ، ولم يبالغ فيه ، وكتابه هذا من أفضل ما ألّف في تفسير القرآن باختصار ، وجاء العلماء من بعده فجعلوه مصدرا أساسيا لمؤلفاتهم في التفسير ، ومعرفة هذا الكتاب وفهمه تعطي القدر الكافي لمن أراد الاكتفاء به في علم التفسير ، فقد قال الغزالي (٢) : «ما من علم إلّا وله اقتصار ، واقتصاد ، واستقصاء ، ونحن نشير إليها في التفسير والحديث والفقه والكلام ؛ لنقيس بها غيرها.
فالاقتصار في التفسير ما يبلغ ضعف القرآن ، أي : مثله في المقدار ، كالوجيز
__________________
(١) الوجيز ، ورقة ١ / أ.
(٢) إحياء علوم الدين ١ / ٤٠ ؛ وترتيب العلوم ص ٢١١.