لي أبو صالح : انظر كلّ شيء رويت عني عن ابن عباس فلا تروه.
وذكر أيضا عن سفيان الثوري قال : قال لي الكلبيّ : قال لي أبو صالح : كلّ ما حدّثتك فهو كذب.
ـ والكلبيّ متّهم في رواياته ، وضعّفه العلماء كثيرا وكذّبوه ، فقد ذكر ابن عديّ في الكامل ٦ / ٢١٢٨ قال : سمعت ابن حمّاد يقول : قال السّعدي : محمد بن السّائب كذّاب ساقط.
ـ وقال النسائي : محمد بن السّائب ، أبو النّضر الكلبيّ متروك الحديث.
وذكر العقيلي في الضعفاء الكبير ٤ / ٧٧ عن أبي عوانة قال : سمعت الكلبيّ يتكلّم بشيء من تكلّم به كفر ، وقال مرّة : لو تكلّم به ثانية كفر ، فسألته عنه فجحده.
وقال البخاري في التاريخ الكبير ١ / ١٠١ : محمد بن السائب الكلبيّ كوفيّ ، تركه يحيى بن سعيد ، وابن مهدي.
وقال ابن حبان في المجروحين ٢ / ٢٥٣ : مذهبه في الدّين وضوح الكذب فيه أظهر من أن يحتاج إلى الإغراق في وصفه ، فالكلبيّ يروي عن أبي صالح عن ابن عباس التفسير ، وأبو صالح لم ير ابن عباس ، ولا سمع منه شيئا ، ولا سمع الكلبيّ من أبيّ صالح إلّا الحرف بعد الحرف ، فما رواه الكلبيّ لا يحلّ ذكره في الكتب ، فكيف الاحتجاج به؟! والله جلّ وعلا ولّى رسوله تفسير كلامه ، وبيان ما أنزل إليه لخلقه فقال : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) ، ومن أمحل المحال أن يأمر الله جلّ وعلا النبيّ المصطفى أن يبيّن لخلقه مراد الله عزوجل من الآي التي أنزلها الله عليه ، ثمّ لا يفعل ذلك رسول ربّ العالمين وسيد المرسلين ؛ بل أبان عن مراد الله تعالى في الآي ، وفسّر لأمته ما دعت الحاجة إليه ، وهو سنّته ، فمن تتبع السّنن وحفظها وأحكمها ، فقد عرف تفسير كلام الله تعالى ، وأغناه الله عن الكلبي وذويه.
ـ ومع هذا الكلام في الكلبيّ نرى كثيرا من المفسرين ينقلون كلامه ، ويستشهدون بالرواية عنه ، ومنهم مؤلفنا الواحديّ ، وخاصّة في كتابه «أسباب النزول» أمّا في «التفسير الوجيز» فذكر أقواله بقلّة ، ولعلّ سبب نقل المفسرين عن الكلبيّ وأمثاله ما ذكره البيهقيّ في دلائل النبوة ١ / ٣٣ عن يحيى بن سعيد القطّان قال :