لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذاً لاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً (٧٣) وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً (٧٤) إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً (٧٥) وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً (٧٦)
____________________________________
وأقبلوا يلحّون على النّبيّ صلىاللهعليهوسلم فأمسك رسول الله صلىاللهعليهوسلم عنهم وقد همّ أن يعطيهم ذلك ، فأنزل الله : (وَإِنْ كادُوا) همّوا وقاربوا (لَيَفْتِنُونَكَ) ليستزلّونك (عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) يعني : القرآن ، والمعنى : عن حكمه ، وذلك أنّ في إعطائهم ما سألوا مخالفة لحكم القرآن (لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ) أي : لتختلق علينا أشياء غير ما أوحينا إليك ، وهو قولهم : قل الله أمرني بذلك. (وَإِذاً) لو فعلت ما أرادوا (لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً).
(٧٤) (وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ) على الحقّ بعصمتنا إيّاك (لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ) تميل (إِلَيْهِمْ شَيْئاً) ركونا (قَلِيلاً) ، ثمّ توعّد على ذلك لو فعله فقال :
(٧٥) (إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ) ضعف عذاب الدّنيا (وَضِعْفَ الْمَماتِ) وضعف عذاب الآخرة. يعني : ضعف ما يعذّب به غيره.
(٧٦) (وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ) يعني : اليهود. قالوا للنّبيّ صلىاللهعليهوسلم (١) : إنّ الأنبياء بعثوا بالشّام ، فإن كنت نبيّا فالحق بها ، فإنّك إن خرجت إليها آمنّا بك ، فوقع ذلك في قلبه لحبّ إيمانهم ، فأنزل الله سبحانه وتعالى هذه الآية ، ومعنى ليستفزونك : ليزعجونك (مِنَ الْأَرْضِ) يعني : المدينة (وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلاً) أعلم الله سبحانه أنّهم لو فعلوا ذلك لم يلبثوا حتى يستأصلوا ، كسنّتنا فيمن قبلهم ، وهو قوله :
__________________
(١) أخرجه المؤلف في الأسباب ص ٣٣٦ عن ابن عباس ؛ وابن جرير في التفسير ١٥ / ١٣٢ عن حضرمي ؛ والبيهقي في دلائل النبوة ٥ / ٢٥٤ عن عبد الرحمن بن غنم.