مناقشة نظرية نفي إطلاق الحكم بلسان نفي الموضوع
أما بالنسبة إلى النكتة التي كانت تصحّح نفي إطلاق الحكم بلسان نفي الموضوع فنتساءل : هل يمكن تطبيقها على «لا ضرر» أم لا؟
والجواب : أن تطبيقها يحتاج إلى إعمال عناية لا بد منها ؛ حاصلها : أن المراد من الضرر المنفيّ هو الموضوع الضرريّ الذي أُريد نفي حكمه بلسان نفي الموضوع ، أما نفس الضرر بما هو نقص ناشئ من الموضوع فليس هو موضوعاً لحكم من الأحكام ، وإنّما هو نتيجة الحكم ، وعلى هذا الأساس فالمنتفي هو الوضوء الضرري مثلاً لا الضرر الحاصل من الوضوء. والنكتة التي تصحّح ذلك هي تطبيق الكبرى التي ذكرها الميرزا ، حيث يقال : كما أن الضرر يمكن أن يكون عنواناً ثانوياً للحكم كما تقدّم ، كذلك يمكن أن يكون منطبقاً على الموضوع الناشئ منه الضرر ، فحينئذٍ يطلق على الوضوء الضرر عرفاً ، فيقال : الوضوء ضرر بالنسبة إلى المريض ، مع أن الوضوء بما هو ليس ضرراً ، لأنه ليس نقصاً في النفس ، وإنّما يولّد النقص. ولكن من باب أن عناوين المسبّبات التوليدية تطلَق على أسبابها ، يمكن أن يستعمل الضرر في معناه لغةً ، ولكن يراد منه الوضوء الضرري.
إلا أن تطبيق هذه العناية في المقام غير ممكن. وتوضيحه : أننا ذكرنا في نكته نفي إطلاق الحكم : أن النفي تارة يكون بسيطاً كقوله : «التائب من ذنبه كمن لا ذنب له» فهو لا ينفي ثبوت الموضوع كالغيبة مثلاً ، بل ينفي الأثر المترتّب عليه وهو الذنب فيسلبه عن الغيبة ، وهذا معناه أن الذنب لم يصدر منه ، فالنفي منصبّ على أصل صدور الذنب منه بنحو ليس التامة ؛ وأخرى يكون تركيبياً كقوله : «شكك ليس بشك» فينفي ثبوت الموضوع وبتبعه