تقديم
إن تحقيق «كتاب الغريب المصنف» وطبعه وتوزيعه بعد سنوات وقرون من النّسيان وعدم الاكتراث ، يعتبر مبادرةً علميةً مميزةً قد أخرجت هذا المَعْلَمَ العَرَبِيَّ القيّمَ من الغبن ، متصدّية لكل العراقيل والتّحديّات. فلقد أخذ الأستاذ محمد المختار العبيدي على نفسه مسؤولية الإقدام على تنزيل هذا المؤلف التاريخي المتميز منزلته الحقيقية من المعجم العربي لأنه يمثّل مرحلة من مراحل «الْمَعْجَمَة» في الميدان العربي لما اختص به من مواصفات معجمية ومناهج وطرق فنية تستحق الاعتبار. ولا شك أنّ هذا العمل جدير بالعناية لأسباب عدّة منها :
١) تحقيق مدوّنة معجمية عربية من طراز فريد لأنها تعتبر أوَّلَ وثيقة وصلتنا من «الغريب المصنف» الَّذي فقدت مدوّناته الأولى والمنسوبة إلى أبي خيرة الأعرابي والقاسم بن معن الكوفي ، المعاصر للخليل بن أحمد ، وإلى النضر بن شميّل (ت ٢٠٤ ه) وأبي عمرو الشيباني (ت ٢٠٦ ه) وقطرب ابن المستنبر (ث ٢٠٦ ه) والأصمعي (ت ٢١٣ ه).
٢) إبراز ما لهذا الْمعجم من قيمة وثائقية أساسية لأنّه قد جمع في طَيَّاتِهِ كتبا مختلفة من الرسائل المفردة والْكتب الْمتخصصة السّابقة فنجد فيه أصداء لكتب المعرّب والحيوان ، والخيل ، وخلق الإنسان ، والنوادر ، والأبنية والمصادر ، والصيغ والأفعال ، والأمثلة والأسماء إلخ ... المأخوذة عن الأصمعي وأبي عبيدة معمر بن المثنى ، والفرّاء ، وأبي عمرو الشيباني وابن الكلبي وغيرهم ...