تصدير
الحمد لله الذي علّمنا ما لم نكن نعلم ، وجعل لنا اللسان العربي خير ما به نتواصل ونتفاهم ، وصلّى الله على سيّدنا محمّد نبيّه الأكرم ، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أمّا بعد ، فقد اتّجهت همّتنا منذ ما يزيد على عشر سنوات إلى نشر كتاب أبي عبيد القاسم بن سلّام الهروي المعروف ب «الغريب المصنَّف» ، وهو كما لا يخفى أوّل معجم عربّي في غريب اللغة مرتّب بحسب الموضوعات والمسائل ، قضى أبو عبيد في تأليفه شطرا من عمره ، وأودعه حصيلة علمه ، ووشّاه بمختار جمعه وتقييده ، فجاء جليل القدر ، جمّ الفوائد ، نسيج وحده في باب الغريب.
وقد ظلّ كتاب أبي عبيد نسيا منسيًّا ألف سنة وزيادة ، يستشهد به الدّارسون والباحثون ويُثنُون على صاحبه من أجله ، ويقدّمونه على غيره من اللغويين بفضله ، دون أن يكون للكثير منهم علم دقيق به ولا اطلاع من قريب عليه ، فليس غريبا أن اعتبره الدكتور صبحي الصّالح كتابا في غريب الحديث ، فقال : «هو القاسم بن سلّام أبو عبيد ... وله مخطوطات كثيرة جديرة بالنشر ومكتبتنا العربيّة بأمسّ الحاجة إليها وأهمّها : «الغريب المصنّف» في غريب الحديث (!) ألّفه في نحو أربعين سنة» (دراسات في فقه اللغة ، ص ٩٩ ، حاشية ١ ، ط. ٤ ، دار العلم للملايين ، بيروت ١٣٧٠ ه / ١٩٧٠ م).