مفهوم الاستشراق
قلنا إن دراساتنا تتناول الوحى إلى نبينا «صلىاللهعليهوسلم» وموقف المستشرقين منه ، لذلك سنقتصر هنا على مجرد إشارات إلى مفهوم الاستشراق «ORIENTALISM».
الاستشراق هو الوجه الآخر والمقابل ، بل والنقيض من الاستغراب ، أو هو رؤية الأنا الشرق) من خلال الآخر (الغرب) (١).
وذهب المستشرق الألمانى (بارت) إلى أن «كلمة استشراق مشتقة من كلمة شرق (٢) وكلمة شرق تعنى مشرق الشمس وعلى هذا يكون الاستشراق هو علم الشرق أو علم عالم (الشرق)».
ويرى بارت أن لفظة الشرق تختلف باختلاف الموقع الجغرافى ، وينتهى إلى «أن المفروض أن اسم الاستشراق يختص بالبلدان الشرقية دون غيرها ، ومهما يكن من أمر فإن الاسم لا يبين بوضوح مستقيم المقصود منه بالضبط ، والمهم هو الموضوع ذاته (٣).
وذهب صاحبا (المفصل في تاريخ الأدب العربى) إلى أن المستشرق هو «كل من تجرد من أهل الغرب لدراسة بعض اللغات الشرقية ، وتقصى آدابها طلبا لتعرف شأن أمة أو أمم شرقية من حيث أخلاقها وعاداتها وتاريخها ودياناتها أو علومها وآدابها ، أو غير ذلك من مقومات الأمم. والأصل في كلمة (استشرق) أنه صار شرقيا أنه كما يقال (استعرب) إذا صار عربيا (٤).
لا يمكننا الموافقة على أن الباحث الغربى بعد البحث في علوم الشرق يصير شرقيا. يقول صاحب (مقدمة في علم الاستغراب) : الاستشراق «هو دراسة الحضارة الإسلامية من باحثين ينتمون إلى حضارة أخرى ولهم بناء شعورى مخالف لبناء الحضارة التى يدرسونها» (٥) ، فالمستشرق لا ينسى أبدا لغته وثقافته وبيئته التى فيها نشأ وتربى. يقول الدكتور أحمد الشرباصى : إن المستشرقين «قوم من أوربا نسبوا أنفسهم
__________________
١ ـ د. حسن حنفى : مقدمة في علم الاستغراب ص ٢٩ لدار الفنية القاهرة ١٩٩١ م.
٢ ـ يعنى الاستشراق لغة طلب علوم الشرق ، لأن الالف والسين والتاء إذا دخلت على فعل فإنها تعنى الطلب.
٣ ـ رودى بارت : الدراسات العربية والإسلامية في الجامعات الألمانية ترجمة د. مصطفى ماهر. ص ١١. ١٢ دار الكتاب العربى القاهرة. ١٩٦٧ م. وانظر أيضا : د. ميشال جحا : الدراسات العربية والإسلامية في أوربا ص ١٥ مون الإنمار العربى ط أول بيروت ١٩٨٢ م.
٤ ـ أحمد الاسكندرى ، أحمد أمين : المفصل في تاريخ الأدب العربى ٢٠ / ٤٠٨. القاهرة ١٩٣٤ م.
٥ ـ د. حسن حنفى : السابق ص ٣١