بشأنها تكذيب وإنكار ، مما يقطع بإلهية النص القرآنى ، فلو أن محمدا صلىاللهعليهوسلم أخذ منهم لما خطأهم في بعض ما ذكر في كتبهم ، حتى لا يفتح عليه باب معارضتهم ، إذ لا يليق بالعاقل أن يقدم على فعل يمنعه من مطلوبة ، ويبطل مقصوده من غير فائدة (١) كما أن في القرآن ما لا وجود له في كتابهم المقدس مثل : قصة هود ، وصالح ، وشعيب.
والقصص المتشابه مثل قصة : إبراهيم وموسى ، وإيمان امرأة فرعون ، وسليمان وعيسى ، فيه من التفصيل ما ليس في التوراة أو الإنجيل.
والقرآن صحح كثيرا مما وقع في كتبهم من أخطاء كنفيه قتل المسيح وصلبه. ونفيه أن يكون هارون هو الذى صنع العجل ، وإنما هو السامرى (٢)
وإذا كان الوحى القرآنى إلى نبينا محمد صلىاللهعليهوسلم نفى أن يكون لله ولد ، كما نفى أن يكون المسيح عليهالسلام صلب أو قتل ، وعليهما تقوم المسيحية بعد القرن الرابع للميلاد. فكيف يأخذ عنها وهو كما نرى ينكر عليها ويكذبها؟
يباين القصص القرآنى القصص التوراتى : يقول المستشرق الفرنسى موريس بوكاى» : «يدعى كثير من المؤلفين الأوربيين أن رواية القرآن عن الخلق قريبة إلى حد كبير من رواية التوراة ، وينشرحون لتقديم الروايتين بالتوازى. إنى أعتقد أن هذا مفهوم خاطئ فهناك اختلافات جلية ، ففيما يتعلق بمسائل ليست ثانوية مطلقا من وجهة النظر العلمية نكتشف في القرآن دعاوى لا يجدى البحث من معادل لها في التوراة ، كما أن التوراة من ناحية أخرى ، تحتوى على معالجات تفصيلية لا معادل لها في القرآن». (٣)
ثم يبرز بوكاى هذا التباين في موضوعات عدة منها : طوفان نوح ـ عليهالسلام ـ فيبين أولا أنه في ضوء المعارف الحديثة فإن رواية الطوفان في العهد القديم غير مقبولة. ثانيا : «على حين تتحدث التوراة عن طوفان عالمى لعقاب كل البشرية الكافرة ، يشير القرآن على العكس ، إلى عقوبات عديدة نزلت على جماعات محددة جيدا» (٤). (وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْناهُمْ وَجَعَلْناهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ عَذاباً أَلِيماً (٣٧)) [الفرقان : ٣٧].
ثم يضيف بوكاى : «... فالقرآن يقدم كارثة الطوفان باعتبارها عقابا نزل بشكل
__________________
١ ـ ابن تيمية : الجواب الصحيح ج ٤ ص ٥٧
٢ ـ ابن تيمية السابق.
٣ ـ بوكاى : دراسات الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة ص ١٥٧ (المصدر سابق)
٤ ـ بوكاى. السابق ص ٢٤٤ ، ٢٤٦.