خاص على شعب نوح ، وهذا يشكل الفرق الأساسى الأول ، أما الفرق الجوهرى الثانى : فهو أن القرآن على عكس التوراة لا يحدد زمن الطوفان ولا يعطى أية إشارة عن مدة الكارثة نفسها ... والقرآن يحدد بشكل صريح محتوى سفينة نوح ، فقد أعطى الله أمرا لنوح بأن يضع في السفينة كل ما سيعيش بعد الطوفان ـ وقد أنجز نوح هذا الأمر بعناية ـ ... بالاضافة إلى الأسرة التى قطع منها هذا الابن الملعون ... «ولا تشير التوراة إلى هؤلاء من بين ركاب السفينة. إن التوراة في الواقع تقدم ثلاث روايات عن محتوى السفينة» (١)
وزعم بعض المستشرقين أن محمدا أخذ هذه القصة من أناجيلهم ـ والتى نقلوها من التوراة ـ يكذبهم العلم الحديث ـ كما قال بوكاى ـ والاكتشافات الحديثة فقد «دلت الكشوف الحديثة أنها موجودة في الديانات الصينية قبل أن ينزح السومريون إلى أرض الرافدين ، وجاءت القصة في القرآن مختلفة اختلافا كثيرا عما هو في التوراة» (٢)
أما عن التباين بين روايتى التوراة والقرآن حول خروج موسى ـ عليهالسلام ـ من مصر وغرق فرعون في البحر ، فيمثل في أن : «التوراة لا تحتوى على أية إشارة خاصة بالعثور على جثة فرعون بعد موته ... بينما النص القرآنى يقول ببساطة وبشكل واضح تماما أن جسد فرعون قد أنقذ وتلك معطية رئيسية «وفي العصر الذى وصل فيه القرآن للناس عن طريق محمد صلىاللهعليهوسلم كانت جثث كل الفراعنة الذين شك الناس في العصر الحديث صوابا أو خطأ أن لهم علاقة بالخروج ، كانت مدفونة بمقابر وادى الملوك بطيبة (بمصر) ... في عصر محمد صلىاللهعليهوسلم كان كل شىء مجهولا عن هذا الأمر ولم تكتشف هذه الجثث إلا في نهاية القرن التاسع عشر. وكما يقول القرآن : فقد أنقذ بدن هذا الفرعون ... وهو الآن في قاعة المومياءات في المتحف المصرى بالقاهرة ويستطيع الزوار أن يروه» (٣)
ومع أن هذا النص لبيان الفرق بين الرواية التوراتية حول حدث واحد والرواية القرآنية. إلا أنه يعد علما من أعلام نبوة محمد صلىاللهعليهوسلم.
ويختم بوكاى مقارناته بين القصص القرآنى والقصص في العهدين : القديم والجديد بقوله : «إن القرآن وقد استأنف التنزيلين اللذين سبقاه. لا يخلو فقط من
__________________
١ ـ بوكاى : السابق ص ٢٤٦ ، ٢٤٧.
٢ ـ د. عبد الجليل شلبى : الاسلام والمستشرقون ص ٤٤ مطابع دار الشعب بالقاهرة.
٣ ـ بوكاى : السابق ص ٢٥٤ ، ٢٦٩.