إِسْرائِيلَ (١٩٧) وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ (١٩٨) فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ (١٩٩)) [الشعراء : ١٩٢ ـ ١٩٩].
رأى هذا المستشرق أن الآيات الأخيرة تدل على أن محمدا «صلىاللهعليهوسلم» تتلمذ على بنى إسرائيل وأخذ عن علمائهم ، ولكن كيف أخذ؟ متى كان ذلك؟ ما دليله على ذلك؟ لا شىء عنده.
كل ما في الآية أن هذه معلومات ثابتة من قبل ويعرفها ذو الديانات السماوية. وأن علماء بنى إسرائيل الذين على شريعة موسى يعلمون أن ما جئت به الحق.
وإذا كان القرآن من عند محمد كما يزعم هذا المستشرق فكيف يقول عن نفسه أنه أخذه من اليهود؟
أما أن محمدا أخذ عن اليهود أو أنه قرأ كتبهم فهذا مردود لأسباب عديدة منها :
١ ـ أن محمدا كان أميا ، فلم يتعلم شيئا من أحد في حضر أو سفر بشهادة قومه المعادين له.
٢ ـ أن العهد القديم لم يكن مترجما إلى اللغة العربية ، باعتراف المستشرق : أن صحائف الرهبان كانت بلغة أجنبية.
وقد أشارت الموسوعة البريطانية إلى عدم وجود ترجمة عربية لأسفار اليهود قبل الإسلام وأن أول ترجمة كانت في أوائل العصر العباسى وكانت بأحرف عبرية (أنظر : الموسوعة البريطانية : التوراة بين الوثنية والتوحيد للأستاذ سهيل ويب ص (٢٦ ، ٢٧).
٣ ـ لو أخذ محمد هذا القرآن من أهل الكتاب مع عداوتهم له لأذاعوه ، ولقالوا إن هذا تعلمه منا أو عن نظرائنا ، أو قرأه في كتبنا لا سيما وهو يفعل فيهم ما يفعل لغدرهم ، وتآمرهم في الخفاء ، ومن أسلم منهم ، فإنما كان يقبل على الحرمان والمقاطعة ، ولو أنهم قالوا ذلك لنقل إلينا وعرف ، فإنه من الحوادث التى تتوافر الهمم والدواعى على نقلها (١).
٤ ـ من المعلوم أن في القرآن مالا وجود له في كتب اليهود والنصارى ، مثل : قصة هود وصالح وشعيب ـ وما سنعرض له بالتفصيل بعد ذلك ـ ولو أن محمدا ـ «صلىاللهعليهوسلم» كان يتعلم من أهل الكتاب لما زاد هذه الزيادات ، ولما خطأهم في بعض ما ذكر في كتبهم حتى لا يفتح عليه باب معارضتهم إذ لا يليق بالعاقل أن يقدم على فعل يمنعه من مطلوبه ، ويبطل مقصوده من غير فائدة (٢)
__________________
١ ـ ابن تيمية : الجواب الصحيح ... ج ٣ ص ٢٥ ، ج ٥٧.
٢ ـ ابن تيمية : السابق ج ٤ ص ٥٤