الدين (١) فكيف يقال : أن النبى اختلط عليه فلم يعرف من شافهه الملك بالوحى ، أم شيطان؟!
خامسا : لو حدث ذلك : لوجدت قريش بها على المسلمين الصولة ، ولأقامت بها اليهود عليهم الحجة كما فعلوا مكابرة في قصة الإسراء ، حتى كانت في ذلك لبعض الضعفاء ردة ... فلا فتنة أعظم من هذه البلية لو وجدت ، ولا تشغيب للمعادى حينئذ أشد من هذه الحادثة لو أمكنت ، فما روى عن معاند فيها كلمة ... فدل على بطلانها واجتثاث أصلها (٢).
سادسا : ما ذكره الرواة من أن هذه القضية فيها نزل قوله تعالى : (وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً (٧٣) وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً (٧٤)) [الإسراء : ٧٣ ، ٧٤]. يقول الإمام عياض : وهاتان الآيتان تردان الخبر الذى رووه ، لأن الله تعالى ذكر أنهم كادوا ليفتنونه حتى يفترى ، وأنه لو لا أن ثبته لكاد يركن اليهم ، فمضمون هذا ومفهومه أن الله تعالى قد عصمه من أن يفترى ، وثبته حتى لم يركن إليهم قليلا ، فكيف كثيرا؟ وهم يروون في أخبارهم الواهية أنه زاد على الركون ، الافتراء بمدح آلهتهم ، وأنه قال صلىاللهعليهوسلم ـ (افتريت على الله وقلت ما لم يقل) وهذا ضد مفهوم الآية وهى تضعف الحديث لو صح ، فكيف ولا صحة له؟ وقد روى عن ابن عباس : «كل ما في القرآن (كاد) فهو ما لا يكون (٣)
سابعا : يمكننا وضع آية سورة الحاقة في قياس استثنائى على النحو التالى :
(وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ (٤٤) لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ) [الحاقة : ٤٤ ، ٤٥] (الكبرى)
لكننا لم نأخذ منه باليمين ولم نقطع منه الوتين (الصغرى).
.. فما تقول علينا بعض الأقاويل (النتيجة).
وأيضا آية الإسراء (وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً). على النحو التالى :
أى : ولو فتنوك وافتريت علينا لاتخذوك خليلا. (كبرى)
__________________
١ ـ الإمام أبو بكر ابن العربى : فضل تنبيه الغبى على مقدار النبى نقلا عن الشيخ محمد ناصر الدين الألبانى : نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق ص ٢٦ المكتب الإسلامى. بيروت ص ٢
٢ ـ القاضى : عياض : السابق
٣ ـ القاضى عياض : السابق.