لا يكون لك آلهة تجاهى ، لا تصنع لك تمثالا منحوتا ، صورة ما في السموات من فوق ، وما في الماء من تحت الأرض ، تسجد لها وتعبدها (١).
سبق لنا تقرير ما اتفق عليه العلماء ، أنه ليس بالضرورة أن يكون اللاحق آخذا من السابق ، فمرجعهما قد يكون وحدة المصدر ، وما دام كل من عند الله فليس من الضرورى أن يأتى الإسلام دائما بشيء مخالف وجديد ، ولا يقتضى هذا ـ كما قلنا ـ أن محمدا اقتبسه ، ولكن رسالة الأنبياء من عهد آدم واحدة وتختلف الشرائع فيقر الله منها ما يشاء وينفي ما يشاء حسب مصالح عباده (ما يُقالُ لَكَ إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ) [فصلت : ٤٣].
وبالرغم من اعتراف كثير من علماء الغرب وباحثيه باللمسات البشرية في إعداد الكتاب المقدس ، حتى قالوا إن الكتاب المقدس المتداول حاليا لا يحتوى على التوراة والإنجيل المنزلين من الله.
نقول برغم هذا إلا أننا نوافق «جيمس هيستنج» على قوله «.. ومع هذا فإننا نتوقع أن نجد خلال صفحات الكتاب المقدس بعض الأجزاء من التوراة والإنجيل الأصليين مما يتحتم معه دراسة جادة لكى تجعل مضمون الكتاب المقدس مفهوما» (٢).
ثانيا : وعلى فرض صحة الاتفاق ، فإن هناك فرقا كبيرا بين الاتفاق والاقتباس ، فبينهما فراغ هائل.
وقبل أن نعرض لنماذج للتشبيه والتجسيم الغليظين في أسفار العهدين : القديم والجديد ـ مع تنزيه الله جل وعلا ، أو أن يكون هذا كلامه ـ نشير إلى مفهوم التوحيد في القرآن الكريم.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : التوحيد الذى جاءت به الرسل إنما يتضمن إثبات الإلهية لله وحده بأن يشهد أن لا إله إلا الله : لا يعبد إلا إياه ، ولا يتوكل إلا عليه ، ولا يوالى إلا له ، ولا يعادى إلا فيه ، ولا يعمل إلا لأجله ، وذلك يتضمن إثبات ما أثبته لنفسه من الأسماء والصفات. قال تعالى : (وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ) [البقرة : ١٦٣] وقال تعالى : (وَقالَ اللهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) [النحل : ٥١] وقال تعالى : (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ) [الزخرف : ٤٥] وأخبر عن كل نبى من
__________________
١ ـ تثنية ٥ : ٧ ـ ٩.
(٢). ٥٦٩ ـ ٥٦٧.PP (١٩٦٣ ، NEWYork) Di catianaryofBible ، JamesHasting