الاكتشافات الحديثة بدأ كثير من الأوربيين يظنون أنهم لم يعودوا بحاجة إلى الإيمان بالله. وهكذا أصبح «الإله» فى نظرهم فكرة غير ضرورية ، وكل فكرة غير ضرورية لا تقوم على أساس!. ولعله لا يغيب عنا مقالة نيتشه : لقد مات الإله الآن!!.
تأثر المستشرقون أو معظمهم بهذه الموجة المادية الإلحادية التى سادت أوربا ، فطبقوا المنهجية الوضعية على العلوم الإنسانية ، ومنها العلوم الإسلامية التى يلعب الوحى الدور الرئيسى فيها ، ومن ثم جاءت نتائج أبحاثهم فى الأعم خاطئة ، لعدم الدقة في اختيار المنهج وكيفية تطبيقه فضلا عن البون الشاسع بين بيئة المنهج المطبق وبيئة موضوع الدراسة بين بيئة المستشرق وبين بيئة الشرق الإسلامى.
وبذلك فقد المستشرق الشعور بالتعاطف مع موضوعه الذى يدرسه ، أو على الأقل نقول : فقد الحياد في التعامل معه ، لأن الصلة العقلية والعاطفية بين الباحث وموضوعه تماثل في الأقل تلك الصلة التى توجد بين القاضى العادل وبين الخصوم (١).
وترتيبا على هذا يقول الدكتور حسن حنفى «الاستشراق ليس جزءا من الحضارة الإسلامية ولا يرتبط بها ولا يفيد شيئا ، بل هو جزء من الحضارة الغربية يكشف عن تكوين الباحث الأوربى ومزاجه ، ويكشف عن حقيقة ما يسمى بالموضوعية أو العلمية ، كما يبين عمل شعور الباحث الأوربى في دراساته لحضارات أخرى غير حضارته ويعرض تحيزاته» (٢).
وإزاء هذه الالتواءات ، والانثناءات ، فى نشأة المنهج وتطبيقاته ، نتساءل : ما هذه المناهج التى يزعم المستشرقون التعويل عليها في كتاباتهم؟ وهل كلها صالحة لكل الموضوعات البحثية؟ بمعنى : هل مناهج العلوم الطبيعية صالحة للتطبيق على العلوم الإنسانية؟ وهل ما يصلح للعلوم الإنسانية يمكن إخضاع العلوم والمعارف الغيبية لها؟
بمعنى آخر : هل المنهج المتّبع يتطابق مع موضوع الدراسة؟ وإذا لم يكن فما مدى التزام المستشرق حين التطبيق؟
استخدم المستشرقون عدة مناهج في دراساتهم للإسلام : عقيدة وشريعة ، وفكرا وتاريخا .. منها : المنهج التاريخى ، والمنهج الإسقاطى ، ومنهج الأثر والتأثر.
١ ـ المنهج التاريخى :
هو عبارة عن وصف وتسجيل ما مضى من وقائع تاريخية أو اجتماعية ووضعها بجوار بعضها البعض وترتيبها ثم الإخبار عنها والتعريف بها باعتبارها الظاهرة الفكرية
__________________
١ ـ د. طيباوى : السابق ص ٦١.
٢ ـ د. حسن حنفى : السابق ص ٨٣.