وعلى تميز حضارى وتعصب دينى (١).
وإذا كان هذا المنهج التاريخى يمارس بصراحة إمبريالية على التاريخ ، يبرز ما يريد ويقمع ما يريد ، فإن المناهج الأخرى التى تختلف ـ والتى سنعرض لبعضها بعد قليل ـ لم تكن تمس أبدا الإطار الذى قام هذا المنهج من أجل تشييده وتقويته ، إطار المركزية الأوربية بوصفها مرجعا لكل شىء يقع خارج أوربا (٢).
والمنهج التاريخى إذا أريد له النجاح في تناول السيرة فإن ذلك يقتضى ثلاثة شروط :
أولها : .. احترام المصدر الغيبى لرسالة محمد «صلىاللهعليهوسلم» وحقيقة الوحى الذى تقوم عليه.
ثانيها : اعتماد موقف موضوعى بغير حكم مسبق يعرقل عملية الفهم.
ثالثها : تقنية تتمثل في الإحاطة جيدا بأدوات البحث التاريخى بدءا باللغة وجمع المادة الأولية وانتهاء بطرق المقارنة والموازنة والنقد والتركيب ...» (٣).
٢ ـ المنهج التحليلى (٤) :
يقوم المنهج التحليلى على تفتيت الظاهرة الفكرية إلى مجموعة من العناصر يتم التأليف بينها في حزمة لا متجانسة من الوقائع أو العوامل التى أنشأتها. بمعنى أنه إذا كان المنهج التاريخى يقوم باستبدال واقعة مادية بالظاهرية الفكرية ، فإن المنهج التحليلى يقوم بعد ذلك بتفتيت هذه الظاهرة وردها إلى عناصرها الأولية ، كأن تكون ظروفا اجتماعية أو سياسية أو دينية.
وطبقا لهذا المنهج وهذه الخطوة يصبح العنصر الدينى مع أنه الدافع الأول لتكوين الظاهرة عنصرا مساعدا لبقية العناصر ، ضامرا ، متقوقعا.
وهذا المنهج مخالف لطبيعة الظاهرة الفكرية المدروسة التى تكونت أساسا من تحويل النص الموحى به إلى معنى والمعنى إلى بناء نظرى. لأن فكرة العوامل التى تحدد تكوين الظاهرة وتتحكم فيها ، وفكرة العناصر التى تتكون منها مادة الظاهرة لا يمكن أن تساعد على فهم الظاهرة الفكرية التى نشأت طبقا لمنهج التفسير في تفسير النصوص ، أى طبقا لمنطق في فهم الوحى ، وحسب منطق عقلى آخر حدد طبيعة
__________________
١ ـ د. حسن حنفى : دراسات إسلامية ص ٢٢٧ ـ ٢٢٨ دار التنوير ١٩٨٢ م ، د. ساسى سالم الحاج : الظاهرة الاستشراقية ... ج ١ ص ٢٠١.
٢ ـ د. محمد عابد الجابرى : الرؤية الاستشراقية في الفلسفة الإسلامية (مناهج المستشرقين في الدراسات العربية الإسلامية) ج ١ ص ٣١٩.
٣ ـ د. عماد الدين خليل : المستشرقون والسيرة ... ص ٨ مصدر سابق.
٤ ـ د. حسن حنفى : السابق ص ٩٧ ـ ١٠١.