وواضح أن كل حكم نفى يقوم به المستشرق يقوم على نفى لما لا يوجد في ذهنه ، وكل حكم إيجاب يقوم على إثبات لما يقوم في ذهنه (١).
يشير المستشرق الفرنسى بوكاى إلى تطبيقات هذه المناهج لدى بعض المستشرقين بقوله : «إن الأحكام المغلوطة تماما التى تصدر في الغرب عن الإسلام ناتجة عن الجهل حينا وعن التسفيه العامد حينا آخر ، ولكن أخطر الأباطيل المنتشرة تلك التى تخص الأمور الفعلية ، وإذا كنا نستطيع أن نغفر لأخطاء خاصة بالتقدير فإننا لا نستطيع أن نغفر لتقديم الوقائع بشكل ينافى الحقيقة».
ويسوق بوكاى مثالا على ذلك : فى دائرة المعارف أونيفر ساليس الجزء السادس تحت عنوان «الأناجيل» يقول المؤلف : (إن المبشرين ـ لا يدّعون ـ كما يفعل القرآن ـ نقل سيرة ذاتية أملاها الله بشكل معجز على محمد «صلىاللهعليهوسلم»). وحقيقة الأمر ألا صلة بين القرآن وما يسميه المؤلف : بالسيرة الذاتية. القرآن رسالة. ولو كان المؤلف قد استعان حتى بأسوإ ترجمة للقرآن لثبت له ذلك. إن الدعوى تنافى الواقع هى الأخرى .. إن المسئول عن هذه الأكذوبة الخاصة بالقرآن أستاذ بجامعة اليسوعيين اللاهوتية بمدينة ليون. إن نشر أكاذيب من هذا النوع يساهم في إعطاء صورة زائفة عن القرآن والإسلام» (٢).
وعلى ذلك يمكن القول بأن الإسقاط خطأ في الإدراك يجعل المستشرق في عزلة ذهنية ، ويضعه في موقف نرجسى خالص.
والإسقاط بهذه الصورة لا يؤسس منهجا ولا يعطى رؤية لأنه إسقاط لهوى أو مصلحة أو صورة ذهنية بيئية هى الذاتية عند ما تتوقف عن أداء دورها في كشف الموضوع (٣).
٤ ـ منهج الأثر والتأثر :
المفهوم المستقيم لهذا المنهج هو : أن تبادل الآراء قديما وحديثا ، والتفاعل والتأثير والتأثر بين الناس ، وبين العلماء سنة اجتماعية لا يمكن انكارها.
ولكننا في ضوء هذا المفهوم ننبه إلى أمرين :
١ ـ الاستفادة ـ نتيجة التأثر والأثر ـ شىء وإنشاء مذهب مستقل شىء آخر.
٢ ـ أن التأثر ينطبق على الفكر البشرى فهذه طبيعته ، يؤثر ويتأثر وذلك لمحدودية
__________________
١ ـ د. حسن حنفى : السابق ص ١٠٤.
٢ ـ موريس بوكاى : دراسة الكتب المقدسة ... ص ١٣٥ مصدر سابق.
٣ ـ د. حسن حنفى : السابق.