المقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
إن نبوة نبينا محمد «صلىاللهعليهوسلم» حقيقة ثابتة فى أنفسنا نحن المسلمين ، الإيمان بها نفس يتردد فينا ، فهل لنا أن نقيم الدلائل على صحة أنفاسنا المترددة بين جوانحنا؟!
لقد شغلت نبوة محمد «صلىاللهعليهوسلم» كثيرا من الفلاسفة والمؤرخين ، مسلمين ، وغير مسلمين : مستشرقين ومنصرين.
أما المسلمون : فلأنهم معنيون برسولهم ، وأما غيرهم ، فالبعض تناول نبوته وسيرته بشيء من الإنصاف ، أما البعض الآخر فلم يستطع مجاوزة نطاق التعصب لمعتقده وظل حبيس هذه الدائرة غير المحمودة فى معايير المنهج العلمى ..
لم يستطع الحياد فى الحكم والنزاهة في القصد والتجرد من الهوى ، أى لم تقم أحكامه على العقل مبرأ من الهوى وأحكام العقل معايير صحيحة إذا ما آزرتها الفطرة وصاحبها الإنصاف.
والاستشراق فلسفة غربية متعددة الأهداف ، ومن أبرز أهدافها النيل من الإسلام ونبى الإسلام ، فلقد حاولوا ـ إلا القليل منهم ـ ، تحليل نصوص القرآن الكريم ، وكذلك تحليل نصوص الأدب العربى الجاهلى علهم يجدوا امتداد الأول عند الأخير ، فأخفقت المحاولة ، لجأ بعض المستشرقين إلى إثارة شبهة التأثر والأخذ من التوراة والإنجيل ، فباءت محاولتهم ـ أيضا ـ بالفشل ، كما سيتضح لنا من خلال بحثنا هذا.
فى العصر الحالى ظهرت محاولة ـ مغفلة بالعلمية والمنهجية ـ إرجاع القرآن إلى عامل باطنى ، داخلى ، فليس ثمة وحى من خارج النبى «صلىاللهعليهوسلم» المتلقى ، وإنما انبعاث من داخل النبى ، أى حديث نفسه وتوقد ذهنه ، أو كما تصور «مونتجمرى واط» حين أرجع نبوة محمد ـ دون نبوة غيره من الأنبياء ـ إلى التصور الخلاق أو التصور الخالق ، فالوحى إلى نبينا «صلىاللهعليهوسلم» لا يعدو نوعا من النشاط الذهنى المتوقد ، كما هو الحال عند بعض الموهوبين.
هكذا كان الإسلام بالنسبة لهم من عمل الشيطان ، والمسلمون ليسوا سوى نوع من المتوحشين ، فقد كانوا يقولون : «فى العالم فئتان : نحن والبرابرة ... والبرابرة في نظرنا ، أو الشرق ، هو كل أسيا وإفريقيا ... أى أننا نضع في مكان