المعجزات على يديه.
المبحث الثاني ظهور المعجزات على يديه :
أولا : المعجزة القرآنية : نود ابتداء الإشارة إلى بعض أوجه إعجاز القرآن ، ثم نبين بعد ذلك كيف أن هذا القرآن المعجز معجزة لمحمد «صلىاللهعليهوسلم».
١ ـ الإعجاز البلاغي :
تأليف القرآن ونظمه معجز محال وقوعه منهم كاستحالة إحياء الموتى منهم وإنه علم لرسول الله «صلىاللهعليهوسلم» يقول الإمام ابن تيمية : إن «نفس نظم القرآن وأسلوبه عجيب بديع ليس من جنس أساليب الكلام المعروفة ولم يأت أحد بنظير هذا الأسلوب فإنه ليس من جنس الشعر ولا الرجز ولا الرسائل ولا الخطابة ولا نظمه شىء من كلام الناس عربهم وعجمهم ونفس فصاحة القرآن وبلاغته هذا عجيب خارق للعادة ليس له نظير في كلام جميع الخلق» (١). تحدى البلغاء والخطباء والشعراء بنظمه وتأليفه فى المواضع الكثيرة والمحافل العظيمة فلم يرم ذلك أحد ولا تكلفه ولا أتى ببعضه ولا شبيه منه ولا ادعى أنه فعل ، وليس قول جميعهم أنه كان كاذبا معارضة لهذا الخبر إلا أن يسمعوا الإنكار معارضة وإنما المعارضة مثل الموازنة والمكايلة فمتى قابلونا بأخبار في وزن أخبارنا ومخرجها ومجيئها فقد عارضونا ووازنونا وكايلونا وقد تكافينا وتدافعنا ولكنهم اختاروا الحرب والمنابذة وفقد الأهل والولد توهينا لأمر محمد «صلىاللهعليهوسلم» ودليل نبوته ، اختاروا هذا ولم يقل أحدهم : لم تقتلون أنفسكم وتستهلكون أموالكم وتخرجون من دياركم والحيلة في أمره يسيرة والمأخذ في أمره قريب. ليؤلف واحد من شعرائكم وخطبائكم كلاما في نظم كلامه. كأقصر سورة يخذلكم بها وكأصغر آية دعاكم إلى معارضتها.
وهذا الجانب البلاغى من القرآن معجز بمقتضى نقض العادة ـ فيما يقول الرمانى ـ لأن العادة «كانت جارية بضروب من أنواع الكلام معروفة منها الشعر ومنها السجع ومنها الخطب ومنها الرسائل ومنها المنثور الذى يدور بين الناس في الحديث ، فأتى القرآن بطريقة مفردة خارجة عن العادة لها منزلة في الحسن تفوق به كل طريقة مفردة خارجة عن العادة لها منزلة في الحسن تفوق به كل طريقة» (٢). ويفوق
__________________
١ ـ ابن تيمية : الجواب الصحيح ، ج ٤ ص ٧٨.
٢ ـ الرومانى : النكت في إعجاز القرآن ص ١١١ ضمن ثلاث رسائل تحقيق ، محمد خلف الله والدكتور زغلول سلام. دار المعارف بمصر.