المشركين فقالوا له : يا محمد إن كنت رسول الله كما تزعم فاسأل ربك أن يشقق هذا القمر فسأل الله ذلك فشقه «فقالوا سحر القمر حتى انشق» وسرى سحره من الأرض إلى السماء فنزل قوله تعالى : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ)(١).
وقد صرح القرآن بانشقاق القمر على صيغة الماضى وسماه آية من الآيات التى أعرضوا عنها وقالوا سحر مستمر.
وقيل فى معنى انشقاق القمر «أى وضح الأمر وظهر. قيل : هو انشقاق الظلمة عنه بطلوعه فى أثنائها كما يسمى الصبح فلقا لانفلاق الظلمة عنه ... وقد يعبر عن انفلاقه بانشقاقه».
وقيل أيضا فى معنى الآية : ينشق القمر يوم القيامة.
ولكن هذا القول مدفوع بوجوه خمسة :
ـ الأول : أن قول الله تعالى : (وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) وكفى به ردا قراءة حذيفة : قد انشق القمر أى اقتربت (٢) وأن القمر قد انشق على عهد نبيكم» (٣).
وفى هذا دلالة على أنها آية مرئية وحجة ثابته.
الثانى : أن الله تعالى ، قال : «على نسق الكلام (وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ). وهذا الإخبار من الله تعالى لا يقال فيما لم يقع ولم يكن» (٤) لأنه أخبر «باعراضهم عن آياته والإعراض الحقيقى عنها لا يتصور قبل وقوعها» (٥) فلو لم ينشق القمر على عهد النبى ولم يشاهده كفار مكة لكذبوه وصار تكذيبهم له حادثة هامة تتناقلها الألسنة والأقلام.
الثالث : أن ما يقع يوم القيامة وعند قيام الساعة لا يكون حجة على المكلفين ولا يعنفون فى ترك النظر» (٦).
كما أنهم لا يقولون فى الآيات يوم القيامة إنها سحر لأنهم حينئذ يعرفون الأحوال
__________________
١ ـ القاضى عبد الجبار : تثبيت دلائل النبوة ج ١ ص ٥٥.
٢ ـ القرطبى : الجامع لأحكام القرآن «مصدر سابق».
٣ ـ الزمخشرى : الكشاف ج ٢.
٤ ـ القاضى عبد الجبار : المصدر السابق ص ٥٦.
٥ ـ رحمة الله الهندى : إظهار الحق ج ٢ ص ٤٧١.
٦ ـ القاضى عبد الجبار : المصدر السابق.