ومن ذلك القصة التى يرويها الإمام البخارى ـ والتى سقت جانبا منها ـ عن أبى سفيان عند ما استدعاه هرقل في بلاد الشام إذ يقول هرقل فى آخرها «وقد كنت أعلم أنه خارج ولم أكن أعلم أنه منكم» (١).
ومن ذلك أيضا قصة إسلام عبد الله بن سلام. قال ابن هشام في سيرته : «قال ابن إسحاق وكان من حديث عبد الله بن سلام كما حدثنى بعض أهله عنه عن إسلامه وكان حبرا عالما قال : «لما سمعت برسول الله «صلىاللهعليهوسلم» عرفت صفته واسمه وزمانه الذى كنا نتوقف له فكنت مسرا لذلك صامتا عليه حتى قدم رسول الله إلى المدينة فلما نزل بقباء ... أقبل رجل حتى أخبر بقدومه وأنا في رأس نخلة لى أعمل فيها وعمتى ... تحتى جالسة فلما سمعت الخبر بقدوم رسول الله «صلىاللهعليهوسلم» كبرت. فقالت لى عمتى حين سمعت تكبيرى : خيبك الله لو سمعت موسى بن عمران قادما ما زدت. قال : فقلت لها : أى عمة والله أخو موسى ابن عمران وعلى دينه بعث بما بعث به. قال فقالت : أى ابن أخى أهو النبى الذى كنا نخبر أنه يبعث مع نفس الساعة؟ قال فقلت لها نعم. قال : فقالت : فذاك إذن ، قال : ثم خرجت إلى رسول الله «صلىاللهعليهوسلم» فأسلمت ثم رجعت إلى أهل بيتى فأمرتهم فأسلموا» (٢) ومن ذلك أيضا قصة النجاشى وموقفه من أصحاب الرسول «صلىاللهعليهوسلم» فى هجرتهم إليه وقوله بعد نقاش وعرض عند ما أوفدت قريش وفدا لإخراجهم.
«... أشهد أنك رسول الله صادقا مصدقا» (٣).
على كل حال الأخبار متواترة عمن أسلم ومن اقتنع ولم يسلم «وهذا يوجب القطع بأنه «صلىاللهعليهوسلم» مذكور فيها ـ فى التوراة ـ مما يدل على صدقه في دعوى النبوة وليس فيها ما يخبر بكذبه والتحذير منه» (٤) على ما سنرى.
المبحث الرابع
بشارات العهدين : القديم والجديد :
قبل أن نتناول هذه البشارات يجب أن ننبه :
أن رسالة محمد «صلىاللهعليهوسلم» ليست في حاجة إلى دليل يقام عليها من خارجها. بحيث إذا لم يوجد هذا الدليل ـ الخارجى ـ بطلت تلك الرسالة فهى رسالة دليلها
__________________
١ ـ القسطلانى : المصدر السابق.
٢ ـ ابن هشام : سيرة النبى تحقيق محمد محيى الدين عبد الحميد ج ٢ ص ٣٦٠ ـ ٣٦١ مطبعة المدنى.
٣ ـ البيهقى : دلائل النبوة ج ٢ ص ٧٩ الطبعة الأولى المكتبة السلفية بالمدينة المنورة.
٤ ـ ابن تيمية : ـ الجواب الصحيح ... ج ٣ ص ٢٩٧.