للعصاة من المؤمنين ، حيث إنّهم لا يقيمون فيها ، ومقام للكفّار (١) . ويحتمل أن يكون هذا كلام الله تعالى (٢) .
في بيان المراد من الاسراف والتقتير
ثمّ مدحهم سبحانه بالاقتصاد في المعيشة بقوله : ﴿وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا﴾ على أنفسهم وعيالهم ، وعلى الفقراء ﴿لَمْ يُسْرِفُوا﴾ ولم يتجاوزوا فيه عن حدّ التوسّط ﴿وَلَمْ يَقْتُرُوا.﴾
وعن ابن عباس : الاسراف : هو الانفاق في معصية الله تعالى ، والاقتار منع حقّ الله تعالى (٣) .
وعن مجاهد : لو أنفق رجل مثل جبل أبي قبيس ذهبا في طاعة الله تعالى ، لم يكن سرفا ، ولو أنفق صاعا في معصية الله تعالى يكون سرفا (٤) .
وقيل : يعني لم ينفقوا في معاصي الله ، ولم يمسكوا عمّا ينبغي ، وذلك قد يكون في الإمساك عن حقّ الله ، وهو أقبح تقتير ، وقد يكون في الامساك عن المندوب ، كالانفاق على الفقير (٥) .
وقيل : إنّ السرف مجاوزة الحدّ في التنعّم والتوسّع في الدنيا ، وإن كان من حلال ، كالأكل فوق الشّبع بحيث يمنع النفس من العبادة ، والاقتار : هو التضييق ، كالأكل أقلّ من الحاجة. قال : وهذه صفة الصحابة ، كانوا لا يأكلون طعاما للتنعّم واللذّة ، ولا يلبسون ثيابا للتجمّل والزينة ، ولكن يأكلون ما يسدّ جوعهم ، ويعينهم على عبادة ربّهم ، ويلبسون ما يستر عوراتهم ويصونهم عن الحرّ والبرد (٦) .
وعن القمي : ﴿لَمْ يُسْرِفُوا﴾ يعني لم ينفقوا (٧) في المعصية ﴿وَلَمْ يَقْتُرُوا﴾ يعني لم يبخلوا عن حقّ الله (٨) .
وعن النبيّ صلىاللهعليهوآله : « من أعطى في غير حقّ فقد أسرف ، ومن منع من حقّ فقد قتر » (٩) .
وعن علي عليهالسلام : « ليس في المأكول والمشروب سرف وإن كثر » (١٠) .
وعن الصادق عليهالسلام : « إنّما الإسراف في ما أفسد المال وأضرّ بالبدن » .
قيل : فما الاقتار ؟ قال : « أكل الخبز والملح وأنت تقدر على غيره » .
قيل : فما القصد ؟ قال : « الخبز واللّحم واللبن والخلّ والسّمن ، مرّة هذا ، ومرّة هذا » (١١) .
وعنه عليهالسلام : أنّه تلا هذه الآية ، فأخذ قبضة من حصى ، وقبضها بيده ، فقال : « هذا الاقتار الذي ذكره [ الله ] في كتابه » ثمّ قبض قبضة اخرى ، فأرخى كفّه كلّها ، فقال : « هذا الإسراف » الخبر(١٢) .
__________________
( ١-٣ ) تفسير الرازي ٢٤ : ١٠٩.
(٤ و٥) تفسير الرازي ٢٤ : ١٠٩.
(٦) تفسير الرازي ٢٤ : ١٠٩.
(٧) في المصدر : والإسراف الإنفاق.
(٨) تفسير القمي ٢ : ١١٧ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٣.
(٩ و١٠) مجمع البيان ٧ : ٢٨٠ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٤.
(١١) الكافي ٤ : ٥٤ / ١٠ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٤. (١٢) الكافي ٤ : ٥٤ / ١ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٤.