الكلام في الوضع
فهم المعنى من اللفظ هل هو محتاج إلى الوضع ، أم إنّه غير محتاج إلى الوضع وإنّما يكون من مناسبة بين اللفظ والمعنى تكون هي المتكفّلة لفهم ذلك المعنى من اللفظ؟ المشهور هو الأوّل ونسب القول الثاني إلى بعض العامّة (١) فإن أراد أنّ تلك المناسبة بين اللفظ والمعنى علّة لفهم المعنى منه فهذا باطل بالوجدان ولا يتوهّمه أحد من العقلاء ؛ لأنّ لازمه أن يكون كلّ إنسان عالما بكلّ لغة من اللغات وهو باطل وجدانا.
وإن أراد أنّ هذه المناسبة هي التي توجب أن يكون هذا اللفظ موضوعا لذاك المعنى وذاك اللفظ موضوعا للمعنى الآخر دون العكس ؛ ضرورة أنّه لو لم يكن ربط بين هذا اللفظ ومعناه وبين اللفظ الآخر ومعناه لكان وضع هذا لهذا المعنى وذاك لذاك ترجيحا من غير مرجّح ، وأنّه مستحيل إن كان الواضع هو الله تعالى ، وقبيح إن كان غيره ، فهذا المعنى أمر ممكن إلّا أنّ إثباته يحتاج إلى دليل وبرهان وهو مفقود في المقام.
__________________
(١) قال العلّامة : فذهب بعضهم إلى أنّ دلالة اللفظ طبيعيّة أي لذاته وهو منقول عن عبّاد بن سليمان الصيمري وبعض المعتزلة وأصحاب الإكسير ، انظر نهاية الاصول : ٢٠ (مخطوط) ، والفصول الغرويّة : ٢٣.