في أقسام الوضع
ثمّ إنّ الوضع سواء كان هو التعهد (١) كما ذكرنا أو الوجود التنزيلي (٢) أو اعتبار نفس الوضع (٣) أو كونه علامة (٤) أو غير ذلك ممّا قيل في حقيقته لا بدّ من أن يكون مسبوقا بتصوّر معنى ، فذلك المعنى المتصوّر للواضع تارة يكون معنى كلّيا واخرى يكون معنى جزئيّا.
فإن كان كلّيا فتارة يضع اللفظ لذلك المعنى الكلّي ، كما إذا تصور حقيقة الإنسان الكلّية فوضع لتلك الحقيقة لفظ الإنسان مثلا ، وهذا يسمّى بالوضع العام ؛ لعموم المعنى المتصوّر عند الوضع ، والموضوع له عامّ ؛ لعمومه أيضا ، ضرورة كون المتصوّر هو ما وضع اللفظ بإزائه.
واخرى يضع اللفظ لأفراد ذلك المعنى الكلّي باعتبار أنّه مرآة لها ؛ فإنّ الكلّي مرآة لأفراده ، وهذا القسم يسمّى بالوضع العامّ أيضا ؛ لعموم المعنى المتصوّر ، والموضوع له خاصّ ، لكونها أفراد ذلك الكلّي.
وإن كان المعنى المتصوّر جزئيّا فوضع اللفظ بإزائه ممّا لا ريب فيه كما في الأعلام الشخصيّة ، ويسمّى هذا بالوضع الخاصّ والموضوع له الخاصّ لخصوصهما معا.
وإنّما الكلام بين الأعلام في إمكان أن يكون الوضع خاصّا لخصوصيّة المعنى المتصوّر ولكن الموضوع له عامّ واستحالته ، ذهب بعضهم (٥) إلى الإمكان والمساواة
__________________
(١) انظر تشريح الاصول للشيخ علي النهاوندي : ٢٦ ، ٢٩.
(٢) أصول الأصول للمحقّق الإيرواني : ٩.
(٣) نهاية الدراية ١ : ٤٦ ـ ٤٧.
(٤) شرح الكافية ١ : ١٠.
(٥) بدائع الأفكار للمحقّق الرشتي : ٤٠.