في وضع الهيئات
روت العامّة (١) والخاصّة (٢) عن مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه أمر أبا الأسود الدؤلي أن يدوّن علم النحو وأملى هو عليهالسلام عليه : الاسم ما أنبأ عن المسمّى والفعل ما دلّ على حركة المسمّى والحرف ما أوجد معنى في غيره ، وقد اتّضح بما ذكرنا معنى الفقرة الأولى والأخيرة بقي الكلام في معنى الفقرة الثانية ، وإرادة الحركة بالمعنى المعروف لها غير صحيح ؛ إذ إنّ جملة من الأفعال لا تدلّ على الحركة وإنّما تدلّ على السكون فلا بدّ من ذكر معنى جامع لجميع الأفعال ومانع عن دخول غيرها ولنتكلّم قبل ذلك فيما وضعت له الهيئات.
فنقول : أمّا الجملة الاسمية كما في قولنا : زيد قائم بل مطلق الجملة الإخبارية وإن كانت فعليّة [فقد] ذكر القوم ـ ولعلّه متسالم عليه بينهم ـ أنّ هيئة الجملة الاسمية موضوعة لثبوت النسبة في الخارج إن كانت إيجابية ، وسلبها إن كانت سلبيّة ، فإن كانت الجملة موافقة لنفس الأمر فالخبر صادق ، وإن خالف فكاذب.
ولا يخفى عليك عدم استقامة ذلك ، بيانه : أنّ جملة من الجمل الخبرية لا يمكن ثبوت النسبة الخارجية فيها بين المحمول والموضوع كما في قولنا : الإنسان حيوان ناطق ، وكما في قوله : أنا أبو الصقر وشعري شعري (٣) ، وكما في قولنا : الإنسان بشر وغيرها ممّا لا يكون معنى للنسبة فيها بين المحمول والموضوع ؛ لاتّحادهما ذاتا وخارجا والتغاير بينهما مفهومي ليس إلّا ، بل في بعض الجمل لا وجود للموضوع
__________________
(١) كنز العمال ١٠ : ٢٨٣ / ٢٩٤٥٦ ، أمالي الزجاجي : ٢٣٨.
(٢) بحار الأنوار ٤٠ : ١٦٢. وفيه : والحرف ما أنبأ عن معنى ليس باسم ولا فعل.
(٣) لم نقف عليه ولكن وجدنا هكذا :
أنا ابوالنجم وشعري شعري |
|
لله درّي ما اجن صدري |
وهو لأبي النجم العجلي. انظر جامع الشواهد : ٧٠.