وبالجملة ، فمن رجع إلى الوجدان ظهر له أنّ لفظة «هذا» موضوعة لنفس الإشارة كما قال ابن مالك : بذا لمفرد مذكّر أشر ... (١) إلى آخره.
في أنّ الاستعمال المجازي بالوضع أم بالطبع؟
لا ريب في كون الألفاظ محتاجة في الدلالة على معانيها الحقيقيّة إلى وضع وليست دلالتها بذاتها كما ذهب إليه الصيمري (٢) وقد تقدّم الكلام فيه. وإنّما الكلام في أنّ نفس هذا الوضع للمعنى الحقيقي ـ بأيّ معنى فسّرنا الوضع من التعهّد أو الوجود التنزيلي أو غيرهما ـ هل هو كاف في الاستعمال المجازي ، بمعنى أنّ أيّ معنى ناسب ذلك المعنى الحقيقي يجوز فيه الاستعمال ، أم لا بدّ من الوضع لذلك؟ الظاهر أنّ الوجدان مساعد على عدم الاحتياج إلى الوضع وأنّه دائر مدار الاستحسان الطبعي ، ففي كلّ مورد استحسن الطبع الاستعمال لمناسبة يجوز وإن لم يكن وضع ، وإن لم يكن استحسان طبعي لم يجز وإن وضع الواضع ورخّص ، مثلا يقال : فلان سلمان زمانه ولا يتوقّف بعد فرض المشابهة في التقوى إلى رخصة من واضع لفظ سلمان اسما لسلمان الفارسي ، ويؤيّده أنّ هذه الاستعمالات في جميع اللغات جارية بالنسبة إلى لفظة لفظة ، ويبعد أن يتّفقوا جميعا على المعنى المجازي ووضعه مع اختلافهم في الوضع للمعنى الحقيقي ، فافهم.
قد أفاد في دورته اللاحقة أنّ هذا الكلام الذي ذكره صاحب الكفاية قدسسره (٣) وغيره موقوف على أمرين :
__________________
(١) البهجة المرضيّة : ٥٨.
(٢) الفصول الغرويّة : ٢٣ س ٢٠.
(٣) كفاية الاصول : ٢٨.