أحدهما : أن يكون هناك استعمال مجازي بحيث يكون اللفظ مستعملا في معنى غير معناه الحقيقي ، أمّا إذا ادّعي ـ كما عن السكاكي (١) ـ أنّه مستعمل في معناه الحقيقي المطبّق على فرده الادّعائي بحيث لا يكون المجاز في الكلمة بل في خصوص الاسناد ؛ ولذا يفيد المبالغة كما هو غير بعيد فلا مجال حينئذ لهذا الكلام ؛ إذ ليس حينئذ استعمال في معنى غير ما وضع له حقيقة.
الثاني : أن لا يكون كلّ استعمال مسبوقا بالوضع والتعهّد كما ذكرنا ، أمّا إذا بنينا على أن كلّ مستعمل واضع ؛ لأنّ الوضع هو التعهّد بأنّه متى أراد هذا المعنى استعمل هذا اللفظ ليكون اللفظ مبرزا لذلك التعهّد ، فيكون متعهّدا أنّه إذا أورده مقرونا بالقرينة يريد المعنى الآخر فلا مجال لهذا الكلام أيضا.
استعمال اللفظ في نوعه وجنسه وفصله ونفسه
ذكر صاحب الكفاية قدسسره (٢) أنّ استعمال اللفظ في نوعه كما في : زيد لفظ ، وفي صنفه كما في : زيد في ضرب زيد فاعل إذا لم يقصد شخصه ، وفي مثله كما في المثال إذا قصد شخصه لا يحتاج إلى وضع ، بل هو أمر طبعي ، فهو حسن طبعا ومع حسنه طبعا لا يحتاج إلى رخصة من قبل الواضع ؛ ولأنّ العلقة بين اللفظ ونوعه وصنفه ومثله أكيدة جدا ، فهي آكد من العلقة الوضعيّة في المعاني الحقيقيّة فضلا عن المجازات ؛ لأنّها بنفسها حاضرة في الكلام وبينها وبين النوع والصنف مناسبة ذاتيّة ، فهي أقوى من المناسبة العرضيّة الحاصلة بالوضع فلهذا كانت أقوى.
ثمّ إنّه قدسسره تردّد في أنّ استعمال اللفظ في شخصه هل هو كذلك أم لا؟ واختار أنّه كذلك أيضا ، بعد ردّ ما ذكره صاحب الفصول (٣) من اتّحاد الدالّ والمدلول أو تركّب
__________________
(١) شرح المختصر : ٦١.
(٢) كفاية الاصول : ٢٩.
(٣) الفصول الغرويّة : ٢٢.