نعم ، تظهر الثمرة بين القولين فيما لو شكّ في أنّ هذا الاعتبار المبرز ممضى عند العقلاء أم غير ممضى عندهم ، فعلى الصحيح لا يمكن أن يتمسّك فيه (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) مثلا ؛ للشكّ في صدق البيع عنده. بخلافه على الأعمّ فإنّه يتمسّك بها فيه. فالثمرة بين القولين تظهر في ذلك ليس إلّا ، وهذه ثمرة مهمّة تظهر في المعاملات الحادثة الآن التي لم تكن قبل موجودة ، فعلى الصحيح لا يمكن التمسّك فيها بأحلّ الله البيع ، وعلى الأعمّ مثلا يمكن التمسّك بها فيها.
وأمّا الإمضاء الشرعي فغير معتبر قطعا في أسماء المعاملات ؛ إذ لا معنى لأن يقال : أحلّ الله المعاملات التي هي حلال عنده أصلا ، مضافا إلى أنّها مستعملة قبل الشرع والشريعة ، والشارع لم يخالفهم في الاستعمال بل استعمل على طبقهم. غير أنّه اعتبر بعض الأشياء في بعض الأحيان كما في عدم كون البيع غرريّا ، فإنّ العقلاء يرونه نافذا مع علم الطرفين وإقدامهم ولكنّ الشارع لم ينفذه بحسب ما يعلم من المصالح.
كما أنّه معلوم أنّه ليس له حقيقة خاصّة في ألفاظ المعاملات ، فإنّها عند العرب بمعناها عنده. وأمّا لفظ العقد فإنّه بمعنى العقدة ، كأنّ الشخص يعقد التزامه بالتزام صاحبه وبالعكس أيضا ، فمعنى (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) كما تقدّم في معنى الوفاء وأنّه الإنهاء و (به آخر رساندن) ويستفاد منها صحّته بالملازمة ؛ إذ لو لا الصحّة لما أمر بالالتزام به. كما يستفاد منه لزومه ما لم يخصّصه دليل آخر على الجواز.
وبالجملة ، فبعد إحراز العقد الذي جعله الشارع مبرزا لذلك الاعتبار ، لو شكّ في أنّ الشارع اعتبر فيه شيئا أم لم يعتبر ، من عربيّة وماضويّة وغيرها ينفى بالبراءة أيضا على كلا القولين. هذا تمام الكلام في الثمرة.
فصل [في محل النزاع في الصحيح والأعم]
قد ذكرنا في صدر مبحث الصحيح والأعمّ أنّ النزاع ليس في الصحّة من تمام الجهات ، وإنّما النزاع في أنّ الألفاظ موضوعة للصحيح أو الأعمّ ؛ الصحيح من حيث جامعيته للأجزاء والشرائط ، والأعمّ بمعنى الأعمّ من الجامع لها والفاقد لبعضها.