مبحث الاشتراك
الأقوال في الاشتراك ثلاثة : وجوبه واستحالته وإمكانه ، ومعلوم أنّ المراد من الوجوب والاستحالة الوجوب الوقوعي والاستحالة الوقوعيّة لا الذاتيّة ؛ إذ لا يلزم من تصوّر عدم الوجوب أو عدم الاستحالة محال كاجتماع النقيضين والضدّين ، وإنّما يدّعي القائل بهما ترتّب لازم باطل على عدمهما.
فالقول الأوّل هو لزوم الاشتراك ؛ لعدم تناهي المعاني وتناهي الألفاظ ، فلا بدّ من الاشتراك ليحصل الوضع لجميع المعاني.
وقد أجاب عنه صاحب الكفاية (١) بأنّ المعاني الجزئيّة غير متناهيّة أمّا الكلّية فمتناهية. وعلى تقدير عدم التناهي فلا حاجة إلى الوضع لجميعها ؛ لأنّ المقصود منه التفهيم والتفهّم وهما حاصلان بالوضع لجملة من المعاني. وعلى تقدير الاحتياج لبقيّة المعاني فباب المجاز واسع ؛ إذ لا ملزم لكون الاستعمال حقيقيّا بل يجوز كونه مجازيّا. (مع أنّ المعاني الغير المتناهية يستحيل الاشتراك فيها ؛ لاستدعائه وضعا غير متناه وهو محال) (٢).
__________________
(١) كفاية الاصول : ٥٢.
(٢) ما بين القوسين من اضافات بعض الدورات اللاحقة.