في جواز استعمال اللفظ في أكثر من معنى وعدمه
ولا يخفى أنّ الكلام لا يخصّ المشترك بل هو بالنسبة إلى استعمال اللفظ في المعنيين الحقيقيّين والمجازيّين والمعنى الحقيقي والمجازي.
وقد ذهب صاحب الكفاية قدسسره (١) إلى الاستحالة بدعوى كون اللفظ وجودا تنزيليّا للمعنى ، وكون الألفاظ غير ملحوظة في مقام الاستعمال الدالّة ، بل قد تكون غير ملتفت إليها أصلا ، وحينئذ فاستعمالها في معنيين يوجب أن يلحظ اللفظ بلحاظين آليّين وهو محال.
ولا يخفى أنّه لو كان الأمر حقيقة كما ذكر للزم القول بالاستحالة ولكن اللفظ ليس غير ملحوظ الدلالة ، نعم قد يتّفق أنّ الإنسان لا يلتفت إلى لفظه في مقام الاستعمال لكنّه ليس دائميّا ، بل اللفظ في مقام الاستعمال ملحوظ استقلالا ، كما نشاهده كثيرا بالنسبة إلى الخطباء والشعراء ؛ فإنّ الخطباء يعنون بكلامهم حتّى لا يصدر منه الألحان والمخالفات للقواعد العربيّة وللفصاحة والبلاغة. والشعراء لو لا اعتناؤهم بالألفاظ لما تكوّنت القصائد والأشعار.
وبالجملة ، فبناء على ما ذكرنا من أنّ الوضع هو التعهّد لا مانع من أن يجعل المبرز لتعهّدين لفظا واحدا ويتعلّق اللحاظان بالمعنيين المبرزين ، فلا يتعلّق لحاظان بملحوظ واحد أصلا.
وبالجملة ، فلا ثمرة في هذا المبحث ، فإنّ استعمال اللفظ في أكثر من معنى إنّما يكون مع القرينة ، ومعها لا بدّ من تصوير جامع قد استعمل اللفظ فيه إن قلنا بالامتناع ، وإلّا فالمحقّق عندنا هو الجواز.
بقي الكلام فيما ذكره صاحب الكفاية (٢) من الروايات الدالّة على أنّ للقرآن سبعة أبطن أو سبعين بطنا ، فقد ذكر صاحب الكفاية أنّه يمكن أن يكون المراد بها
__________________
(١) كفاية الاصول : ٥٣.
(٢) المصدر : ٥٥.