في أدلّة القول بالأعمّ
ذهب العدليّة إلى كون المشتقّ حقيقة في الأعمّ من المتلبّس بالمبدإ والمنقضي عنه المبدأ وقد استدلّ بامور :
الأول : التبادر.
ولا يخفى عليك ما فيه : أوّلا : لأنّه لا جامع بين المتلبّس والمنقضي كما تقدّم فأيّ شيء يتبادر؟
ولو سلّمنا تصوير الجامع إلّا أنّ المتبادر ـ كما ذكرنا ـ هو خصوص المتلبّس ، ولذا اعترف القائل بكون الوضع للأعمّ بالانصراف إلى خصوص المتلبّس.
الثاني : عدم صحّة السلب عمّا انقضى عنه المبدأ ، فإنّ عدم صحّة السلب علامة للحقيقة.
والجواب : أنّ صحّة السلب ممّا لا تنكر قطعا ، فإنّ من كان نائما فانتبه يصحّ أن يقال : ليس بنائم ، نعم سلب النوم عنه حتّى في الزمن الماضي ـ فيقال : إنّه ليس بنائم في جميع الأزمنة أو في خصوص الزمان الماضي ـ لا يصحّ ، وأمّا سلب النوم عنه فعلا فأمر لا يمكن إنكاره.
الثالث : كثرة استعمال المشتقّ فيما انقضى عنه المبدأ ، فإذا فرض كونه حقيقة في خصوص المتلبّس لزم كثرة المجاز فلا بدّ من القول بالأعمّ.
وجوابه أوّلا : أنّ كثرة المجاز ليس محذورا بعد ما قيل : إنّ أكثر محاورات العرب مجازات.
وثانيا : أنّ المجازيّة إنّما تلزم لو علم أنّ استعماله في المنقضي كان بلحاظ حال النطق ، أمّا لو كان بلحاظ حال التلبّس فهو حقيقة وكلا الأمرين محتمل ، وانصراف الحمل إلى الحمل الفعلي وإن كان مسلّما إلّا أنّ القرينة ترفع ذلك الانصراف الناشئ من الإطلاق ، فإنّ الصبيان كانوا يشيرون إلى عمر بن سعد