وقد يكون الاتّحاد بين المحمول والمحمول عليه خارجيّا والمغايرة في المفهوم فقط كما في قولك : زيد قائم ، وكما في قولك : الناطق حيوان ، فبين المفهومين مغايرة صرفة ، فإنّهما مفهوما متباينان ولكن اتّحادهما بحسب الوجود الذي هو خارج عن الذات ؛ إذ الألفاظ موضوعة للماهيّات الصرفة مع قطع النظر عن الوجود والعدم ، ويسمّى هذا الحمل بالشائع لشيوعه في الاستعمال ، وبالصناعي لأنّ صناعة الشكل الأوّل في المنطق موقوفة عليه ؛ إذ لا بدّ فيه من كلّية الكبرى فلا بدّ من كون المحمول في الصغرى فردا لكلّي وهو المناط في الشائع.
إذا عرفت هذا فاعلم أنّ صاحب الفصول قدسسره لمّا رأى أن لا جهة تقتضي صحّة الحمل في قولنا : «الإنسان حيوان ناطق» لتغايرهما ذاتا ؛ إذ إنّه قدسسره زعم أنّ التركيب بينهما انضمامي لا اتّحادي ، فكلّ واحد من الجزءين غير الكلّ قطعا مفهوما وخارجا ، فاشكل عليه حينئذ صحّة الحمل ، ولكنّه تخلّص (١) بدعوى كفاية الاتّحاد الاعتباري ، فإنّا نعتبرهما أمرا واحدا فيصحّ الحمل.
ولا يخفى عليك أنّ اعتبارهما متّحدين إنّما يصحّح الحمل في مقام الاعتبار لا الخارج ، وبعبارة اخرى المغايرة الخارجيّة توجب صحّة الحمل خارجا والاعتباريّة تصحّحه اعتبارا ، ومن المعلوم أنّ صحّة الحمل في «الإنسان حيوان ناطق» خارجيّة لا اعتباريّة فلا يصحّ الحمل الخارجي حينئذ.
التنبيه الرابع : في مغايرة المبدأ مع الذات
ذكر صاحب الكفاية قدسسره (٢) كفاية مغايرة المبدأ مع الذات مفهوما وإن اتّحدا خارجا ردّا على صاحب الفصول ، فإنّ صاحب الفصول قدسسره (٣) ادّعى لزوم المغايرة
__________________
(١) الفصول : ٦٢.
(٢) كفاية الاصول : ٧٦.
(٣) الفصول : ٦٢.