فيجوز مخالفته في جميع ما اعتبر بنحو المجموع. وهذا بخلاف ما إذا تعلّق الاعتبار بأشياء بنحو الاستغراق ، فإنّه ينحلّ في الحقيقة إلى اعتبارات متعدّدة ، فورود المرخّص في بعضها لا ينافي عدم ورود المرخّص في الثاني ، بل يبقى على وجوبه. ولا مجال لدعوى استعمال الصيغة في القدر الجامع بين الوجوب والاستحباب وغيرها من كلمات القوم ، فافهم.
في الجمل الخبريّة
ذكر صاحب الكفاية قدسسره (١) وغيره (٢) من المحقّقين : أنّ الجملة الخبرية الفعليّة مستعملة في معنى واحد ، غاية الأمر أنّ الداعي للتكلّم بها قد يكون قصد الإخبار فتكون خبريّة محتملة للصدق والكذب ، وقد يكون الداعي الطلب بها وبيان أنّ الطالب لا يرضى بتركه فتكون أظهر في الطلب من صيغة «افعل» لاقترانه بما يدلّ على أنّه لا يرضى بتركه وأنّه أخبر بوقوعه إيذانا بأنّه لا يرضى بتركه ، وحينئذ فلا تتّصف بصدق ولا بكذب ، نظير الكناية التي يكون صدقها وكذبها بملزومها لا بالمدلول اللفظي الذي هو كثرة الرماد في قولك : «كثير الرماد» بل بالكرم وإن لم يكن له رماد يتحقّق صدقه ، وبالبخل وإن كان له رماد يتحقّق كذبه.
ثمّ تنزّل فزعم أن لو قلنا بالمجازيّة فهذه المناسبة ـ وهي أنّ المتكلّم لا يرضى إلّا بوجوده ـ تعيّن الوجوب دون بقيّة المعاني المجازيّة.
ولا يخفى عليك : أنّه بعد ما ذكرنا أنّ الوجوب عنوان ينتزع من إبراز اعتبار
__________________
(١) كفاية الاصول : ٩٢ ـ ٩٣.
(٢) انظر بدائع الأفكار : ٢٣٣ ـ ٢٣٤ ، أجود التقريرات ١ : ١٣٤.