الماء بقصد أمره بحيث لو احضر الماء اتّفاقا فلا يفي بغرضه ، بل لا بدّ من أن يقوم العبد فيأتي به بداعي أمره وامتثالا لذلك الأمر ، فإذا كان غرضه موقوفا على ذلك فلا بدّ أن يعتبر العمل المقيّد في ذمّة المكلّف ؛ إذ المفروض أنّ المطلق لا يفي بالغرض ، وإبراز هذا الاعتبار أيضا لا مانع منه ؛ إذ لا يحتاج إلى أزيد من أن يتصوّر المولى العمل ويتصوّر أمره اللاحق فيأمر به بداعي الأمر المتعلّق به.
إذا عرفت هذا ، فداعويّة الأمر إلى داعويّة نفسه إنّما تلزم لو كان هناك أمر واحد متعلّق بالعمل بداعي الأمر ، أمّا إذا فرضنا أنّ الأمر بكلّ مركّب من أجزاء أو مقيّد بشروط ينحلّ إلى أوامر متعدّدة بتعدّد الأجزاء والشروط ، فلا يبقى لنا إشكال حينئذ ؛ إذ نفس الصلاة مثلا صار متعلّقا للأمر الضمني وإتيانها بداعي أمرها متعلّق لأمر ضمني آخر مباين للأمر الأوّل ، فهنا أمران :
أحدهما متعلّق بالعمل الخارجي ، والآخر متعلّق بالعمل النفسي ، وداعويّة أمر إلى أمر آخر كثير ، كما في من نذر أن يقصد القربة بغسل ثوبه مثلا ، فإنّ الأمر الناشئ من قبل النذر مثلا أو اليمين يكون داعيا إلى أن يقصد المكلّف أمر غسل الثوب عند غسله. وكذا مسألة عدم القدرة إلّا أن يأمر المولى بالتشريع أيضا يندفع بالانحلال ، فإنّ هناك أمرا ضمنيا قد تعلّق بالعمل ، والعبرة بقدرة المكلّف في وقت العمل لا عند أمر المولى ، وعند الامتثال الأمر موجود قطعا ، فيتمكّن المكلّف حينئذ من إتيانه كما في الحائض لو نذرت الصلاة بعد عشرة أيّام مثلا. وكذا تندفع مسألة الخلف ، حيث ظهر أن لا خلف ؛ إذ قد تعلّق الأمر الضمني بنفس الفعل ، فأين الخلف؟
نعم ، هذه الإيرادات الثلاثة تتمّ على تقدير أن لا نقول بالانحلال إمّا مطلقا أو في خصوص الشرائط ويبتني على أنّ قصد الأمر شرط. وسيأتي في الأقلّ والأكثر بيان أنّ الأمر بالمركّب والمقيّد ينحلّ إلى أوامر متعدّدة حسب تعدّد أجزائه أو شروطه ، فافهم وتأمّل فإنّه ربّما دقّ.