وقد ظهر بما ذكرنا إمكان أخذ قصد الأمر في متعلّق الأمر ولو سلّمنا عدم إمكان أخذ قصد الأمر في متعلّقه.
فالمقدّمة الثانية التي ذكرها الميرزا قدسسره (١) من أنّ استحالة التقييد تستلزم استحالة الإطلاق غير مسلّمة في المقام. وقد أفاد في وجه ما ذكره ـ من أنّ استحالة التقييد تستلزم استحالة الإطلاق ـ أنّ انقسام الأشياء قد يكون بالانقسامات الأوّليّة وهي التي تنقسم إليها الأشياء مع قطع النظر عن كلّ شيء غيرها من أمر أو آمر ، مثل انقسام الماء إلى القليل والكثير ، وانقسام الإنسان إلى أسود وأبيض ، ومثل هذه الانقسامات لو توجّه التكليف نحو شيء من تلك الطبيعة فإمّا أن يتوجّه نحو المقيّد بأحد القيدين ، أو يتوجّه مطلقا ـ يعني من غير أن يكون لأحد القيدين مدخليّة في الحكم ـ ويستحيل أن يكون الحكم مهملا ؛ لاستحالة الإهمال في مقام الثبوت من العالم الملتفت لموضوع حكمه ؛ إذ إنّه إمّا أن يحكم عليه مقيّدا بأحد القيدين أو يحكم عليه مطلقا ، ولا يمكن الإهمال ؛ إذ يستحيل جهل الحاكم بموضوع حكمه.
نعم ، قد يكون الدليل الدالّ على الحكم مهملا أو مجملا لغرض يتعلّق بهما ، وهذا هو الإجمال في مقام الإثبات.
وقد يكون انقسام الأشياء بالانقسامات الثانوية ، وهي الانقسامات التي تكون بعد التكليف بها ، مثلة انقسام العمل بين أن يؤتى به بقصد الأمر أو لا بقصده وانقسام المكلّف إلى العالم بالتكليف والجاهل به ، فإنّ هذين التقسيمين فرع وجود الأمر والتكليف ، فمثل الطبيعة المنقسمة إلى هذه التقسيمات إذا استحال التقييد فيها استحال الإطلاق أيضا ؛ لأنّ التقابل بينهما تقابل العدم والملكة ، فمتى استحال أحدهما استحال الآخر ، والمفروض أنّ التقييد بقصد الأمر مستحيل ، فالإطلاق مثله في الاستحالة.
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ١٥٧ ـ ١٥٨.