هذا كلّه في أخذ قصد الأمر.
وأمّا أخذ بقية الدواعي القربيّة ـ من الخوف من عقاب المولى أو الطمع في ثوابه أو لكونه أهلا للعبادة أو للمصلحة الموجودة بها ـ فلو سلّم (*) كونها دواعي قربيّة وأغمض النظر عن كونها ملازمة لقصد الأمر ، فقد ذكروا أنّها غير مأخوذة في المأمور به ؛ لأنّه لو أتى به بداعي الأمر كان صحيحا ، ولو اخذ في الفعل أحد هذه الامور لم يتّصف بالصحّة بمجرّد إتيانه بقصد الأمر (* *).
__________________
(*) أشرنا بقولنا : «لو سلّم» إلى ما سطرناه في الدورة السابقة : من كون الإتيان به خوفا من العقاب وطمعا في الثواب ملازم لقصد الأمر ؛ لعدم حصول الثواب ورفع العقاب إلّا بذلك ، وكذا لو أتى به من جهة المصلحة الموجودة ، فإنّه ليس قربيا بل من جهة مصلحته ، وكذا لو أتى به لكونه أهلا للعبادة ، ضرورة أنّه أهل للعبادة التي لا تتحقّق إلّا بعد قصد الأمر ، فهذه ليست بنفسها دواعي قربيّة بل ملازمة نعم ، إتيانه بقصد المحبوبية الذاتية في نفسه أمر قربي قطعا.
(الجواهري).
(* *) في هامش الأصل استدراك لم يرمز إلى موضعه ، والمناسب إيراده هنا ، وهو ما يلي :
وقد زعم الميرزا النائيني قدسسره ـ أجود التقريرات ١ : ١٦٤ ـ ١٦٥ ـ استحالة أخذ جميع الدواعي القربيّة في متعلّق الأمر ، بدعوى : أنّها محرّكة نحو العمل وباعثة إليه تكوينا ، فلا يعقل أن تؤخذ في متعلّق الأمر به تشريعا ؛ لأنّ ما لا يمكن الأمر به تكوينا لا يمكن أخذه في المتعلّق تشريعا.
وفيه أوّلا : أنّها تقتضي استحالة أخذ قصد الأمر حتّى بالأمر الثاني المتمّم للجعل الذي قد صرّحت فيه بالجواز والإمكان ؛ لعدم الفرق في ملاك الاستحالة المذكور بين كونه مأخوذا في الأمر الأوّل أم في الأمر الثاني.
وثانيا : أنّ هنا عملين : أحدهما جوارحي وهو الإتيان بالأجزاء الخارجية ، والآخر جوانحي : وهو قصد الأمر ، وكلّ منهما عمل اختياري مسبوق بالإرادة والاختيار وهو كاف في التكليف به.